مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا}

          ░81▒ باب قوله تعالى: {قُوا أَنفُسَكُمْ} [التحريم:6]
          فيه حديث ابن عمر: قال: قال النبي صلعم: ((كلكم راع)) الحديث.
          وسلف في الصلاة والاستقراض والعتق وغير موضع، وهو مفسر للآية المذكورة؛ لأنه أخبر ◙ أن الرجل مسئول عن أهله، وإذا كان كذلك فواجب عليه أن يعلمهم ما يقيهم من النار. قال زيد بن أسلم: لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، هذا وقينا أنفسنا، فكيف بأهلينا؟ قال: ((تأمرونهم بطاعة الله، وتنهوهم / عن معاصي الله)) وروي ذلك عن علي.
          والرعاية منها ما هو واجب، ومنها ما هو مندوب كما نبه عليه سيدي عبد الله بن أبي جمرة، فهي بمعنى الحفظ والأمانة، ومنه قولهم: رعاك الله؛ أي: حفظك، وراعي الغنم: أي: الحافظ لها والأمين. قال: وهل يتعدى لأكثر مما في الحديث أم لا؟ إن فهمت العلة عديناه، والحديث من باب التنبيه بالأكثر على الأقل؛ إذ هي الأمانة والحفظ، وقواعد الشربعة من هذا كثير، والأهل في الحديث مبهم فيطلق على الزوجة، كقول أسامة في حديث الإفك: أهلك يا رسول الله. والأهل إنما تطلق على من تلزمه نفقته شرعاً؛ كقول نوح: {إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي} [هود:45] وكقوله في قصة أيوب: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ} [ص:43] وكانوا زوجه وولده.
          وقال في الحديث: ((والرجل راع في مال أبيه)) ولم يذكر: الأب راع في مال ولده؛ لأن الابن دخل في قوله: ((أهله))، والأهل تطلق على العبيد. قال ◙: ((سلمان من أهل البيت))، قال: وكان عبداً له، أي: منتمياً له.
          قال والدي ⌂:
          (باب إجابة الداعي في العرس) بضم الراء وإسكانها.
          قوله: (علي بن عبد الله بن إبراهيم) البغدادي قيل: هو الذي ذكره قبل هذا في باب اغتباط صاحب القرآن فقال علي بن إبراهيم نسبه إلى جده، و(الحجاج) بفتح المهملة وشدة الجيم الأولى ابن محمد الأعور، و(ابن جريج) بضم الجيم الأولى عبد الملك، و(موسى بن عقبة) بضم المهملة وسكون القاف.
          قوله: (هذه الدعوة) أي: دعوة الوليمة، فإن قلت: ما فائدة حضور الصائم؟ قلت: قد يريد صاحب الوليمة التبرك والتجمل به والانتفاع بدعائه، أو بإشارته أو الصيانة عما لا يصان في غيبته.
          وفيه أن الصوم ليس بعذر في الإجابة.
          قوله: (ممتنا) من الامتنان؛ أي: منعماً متفضلاً مكرماً لهم، وفي بعضها ممتنا من الإمتان أي: منتصباً مستوياً صلبة، وروى الإسماعيلي: مثيلا بفتح الميم وكسر المثلثة أي: ماثلاً من المثول بالمثلثة، وروى ابن عمارة: ممتثلا.
          قوله: (اللهم) ذكره تبركاً، وكأنه استشهد بالله في ذلك تأكيداً لصدقه.
          قوله: (أبو مسعود) هو عقبة بتسكين القاف البدري الأنصاري، وفي بعضها ابن مسعود أي عبد الله (وأبو أيوب) هو خالد الأنصاري من أخوال رسول الله صلعم ونزل عليه حين قدم المدينة.
          قوله: (من كنت) أي: إن كنت أخشى على أحد يعمل في بيته مثل هذا المنكر ما كنت أخشى عليك.
          قوله: (نمرقة) بالضم، الوسادة الصغيرة وبالكسر لغة والأمر في (أحيوا) للتعجيز، ومر الحديث في كتاب الملائكة.
          (باب إذا قال أحدكم آمين).
          قوله: (بالنفس) أي بنفسها، و(أبو غسان) بفتح المعجمة وشدة المهملة وبالنون محمد بن مطرف بالمهملة وكسر الراء المشددة، و(عرس) أي: اتخذ عروساً، قال الجوهري: يقال أعرس ولا يقال: عرس وهذا حجة عليه، و(أبو أسيد) بضم الهمزة على الأصح اسمه: مالك، و(التور) بفتح الفوقانية وإسكان الواو وبالراء، إناء وقيل إناء يشرب فيه، و(أماثته) من الإماثة بالمثلثة وهو الطرح في الماء حتى ينحل. الخطابي: يريد مرسته بيدها يقال: مثت الشيء إذا ذبته؛ أي: بللته فانماث أي: ذاب وانحل.
          قوله: (تخصه) أي: تخص أم أسيد رسول الله صلعم بذلك وفي بعضها تحفة أي هدية.
          قوله: (يعقوب) القاري بالقاف وتخفيف الراء منسوب إلى القارة، و(الخادم) يطلق على الرجل والمرأة.
          و(أبو الزناد) بالنون عبد الله، و(الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز.
          و(الضلع) بكسر المعجمة وفتح اللام، و(الوصاية) بفتح الواو وكسرها وفي بعضها: الوصاة بالألف فقط بعد الصاد وبتاء التأنيث، و(إسحاق بن نصر) بسكون المهملة / ، و(الحسين الجعفي) بضم الجيم وتسكين المهملة وبالفاء، و(زائدة) من الزيادة ابن قدامة (وميسرة) ضد الميمنة ابن عمار، و(أبو حازم) بالمهملة والزاي سلمان الأشجعي وهو غير أبي حازم المتقدم آنفاً الراوي عن سهل إذ اسمه سلمة.
          قوله: (اليوم الآخر) أي: من كان يؤمن بالمبدأ والمعاد فلا يؤذ جاره، فإن قلت: مفهومه أن من أذاه لا يكون مؤمناً قلت: لا يكون كاملاً في الإيمان.
          قوله: (استوصوا) القاضي البيضاوي الاستيصاء قبول الوصية والمعنى: أوصيكم بهن خيراً فاقبلوا وصيتي فيهن فإنهن خلقن من ضلع أعوج، والضلع استعير للمعوج؛ أي: خلقن خلقاً فيه اعوجاج فكأنهن خلقن من أصل معوج فلا يتهيأ الانتفاع بهن إلا بمداراتهن والصبر على اعوجاجهن وقيل: أراد به أن أول النساء أي: حواء خلقت من ضلع آدم ◙.
          الطيبي: الأظهر أن السين للطلب مبالغة؛ أي: اطلبوا الوصية من أنفسكم في حقهن بالخير ويجوز أن يكون من الخطاب العام؛ أي: يستوصي بعضكم من بعض في حقهن، وفيه الحث على الرفق وأنه لا مطمع في استقامتهن.
          قوله: (أعوج) فإن قلت: العوج من العيوب، فكيف يصح منه أفعل التفضيل قلت: إنه أفعل الصفة أو أنه شاذ أو الامتناع عند الالتباس بالصفة، فحيث تميز عنه بالقرينة جاز البناء عنه(1).
          فإن قلت: الكلام يتم بدون هذه المقدمة فما فائدة ذكرها؟ قلت: توكيد معنى الكسر؛ لأن الإقامة أمرها أظهر في الجهة الأعلى(2) أو بيان أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع، فكأنه قال: خلقن من أعلا الضلع وهو أعوجه.
          قوله: (هيبة) مَفعُول له لقوله: نتقي أي: نتقي لخوف النزول.
          قوله: (كلكم) فإن قلت: إن لم تكن له رغبة فعلى من يكون راعياً؟ قلت: على أعضائه وجوارحه وهواه وحواسه مر فوائد الحديث في باب الجمعة في القرى.
          الزركشي:
          (فقام ممتنا) قال القاضي: كذا ضبطه المتقنون في كتاب النكاح بسكون الميم وكسر التاء، قيل: معناه طويلاً، وضبطه أبو ذر: بفتح التاء وتشديد النون، وفسره متفضلاً، وقال: كذا الرواية هنا، واختلف في معناه، وقال أبو مروان بن سراج: تحتمل وجهين:
          أحدهما: أنه من الامتنان؛ لأنه من قام النبي صلعم إليه وأكرمه بذلك فلا مِنَّة أعظم من هذه، ويؤيده رواية: ((أنتم أحب الناس إلي)).
          وثانيهما: أنه من المنة بالضم وهي القوة والشدة؛ أي: قام إليهم مسرعاً مشتدًّا في ذلك فرحاً بهم، ورواه ابن السكن: ((يمشي)) بدلاً من ((ممتنا)) وهو تصحيف، وذكره في الفضائل ((ممثلاً)) بكسر الثاء، وضبطه في (م) بالفتح، وقال الوقشي: صوابه: ((ممثلا)) بكسر الميم وكسر الثاء؛ أي: قائماً، ويؤيده هذه الرواية: ((أنه خرج يمثل قائماً)) أي: انتصب.
          قوله: (أعوج شيء في الضلع أعلاه) ولم يقل أعلاها والضلع مؤنث وكذا قوله لم يزل أعوج ولم يقل عوجاً؛ لأن تأنيثه غير حقيقي.
          انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (ورأى أبو مسعود صورة في البيت فرجع) ذكر صاحب ((المطالع)) أن الأصيلي والقابسي وعبدوساً، ضبطوه ابن مسعود وعند غيرهم أبو مسعود.


[1] في هامش المخطوط: في (ظ): ((منه)).
[2] في هامش المخطوط: في (ط): ((العليا)).