مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: هل يرجع إذا رأى منكرًا في الدعوة؟

          ░76▒ باب هل يرجع إذا رأى منكراً في الدعوة؟
          ورأى ابن مسعود صورة... إلى آخره ثم ذكر حديث عائشة في النمرقة.
          وقد سلف في البيع. والنمرقة بضم النون، وحكي كسرها. والنمرق أيضاً: وسادة صغيرة، وربما سموا الطنفسة التي فوق الرجل نمرقة، ويقال: نمروق أيضاً، ويقال وقيل: المرافق، وقيل: المجالس، ولعله يعني: الطنافس وشبهها، ومثله حديث علي أخرجه (ن) من حديث قتادة، عن ابن المسيب، عنه: دعوت النبي صلعم فدخل، فرأى ستراً فخرج وقال: ((إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تصاوير)) ولأبي داود من حديث سفينة نحوه، وقال: ((إنه ليس لي أو لنبي أن يدخل بيتاً مروقاً)).
          وهذه الأحاديث دالة على أنه لا يجوز الدخول في الدعوة يكون فيها منكر مما نهى الله عنه ورسوله، وما كان مثله من المناكير، ألا ترى أنه ◙ رجع من بيت عائشة حين رأى النمرقة بالتصاوير، وقد صح الوعيد في المصورين أنهم أشد الناس عذاباً، فلا ينبغي حضور المنكر والمعاصي، ولا مجالسة أهلها عليها؛ لأن ذلك إظهار للرضى بها، ومن كثر سواد قوم فهو منهم.
          وللنسائي من حديث جابر رفعه: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر)). ولأحمد مثله من حديث القاسم بن القاسم، عن قاص الأجناد بالقسطنطينية، عن عمر، به.
          وقال الشافعي: إذا كان في / الوليمة خمر أو منكر، أو ما أشبهه من المعاصي نهاهم، فإن انتهوا وإلا رجع، فإن رأى صوراً ذات أرواح لم يدخل إن كانت منصوبة لا توطأ، فإن كانت توطأ أو كانت صوراً غير ذات أرواح، فلا بأس أن يدخل.
          واختلف في اللهو واللعب يكون في الوليمة، فقال الليث: إذا كان فيها الضرب بالعود واللهو فلا ينبغي أن يشهدها. ورخص في ذلك الحسن.
          قال ابن القاسم: وإن كان فيها لهو كالمزامير والعود فلا يدخل. وعن مالك: إذا دعي ورأى لهواً خفيفاً مثل الدف والكبر فلا يرجع.
          وقال ابن وهب عن مالك: لا أحب لذي الهيئة أن يحضر اللعب.
          قيل له: فالكبر والمزمار وغيره من اللهو ينالك سماعه وتجد لذته وأنت في طريق أو مجلس؟ قال: فليقم عن ذلك المجلس، وقد رجع ابن مسعود في وليمة.
          وقد مر ابن عمر بزمر، فجعل إصبعه في أذنيه ومشى، ثم جعل يقول لنافع: أتسمع شيئاً، قال: لا، فنحى يديه، ثم قال: كنت مع النبي صلعم فسمع زمارة راع، ففعل مثل ما فعلت. أخرجه أبو حاتم بن حبان في ((صحيحه)) وقال (د): حديث منكر.
          وقال أبو حنيفة: إذا حضر الوليمة فوجد فيها اللعب، فلا بأس أن يقعد يأكل.