مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف

          ░109▒ باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف
          فيه حديث ابن أبي مليكة، عن المسور سمعت رسول الله صلعم يقول وهو على المنبر الحديث، وسلف قطعة منه في فضائلها بلفظ: ((فاطمة بضعة مني)) وسلف في الجهاد في باب: ما ذكر من درعه، وذكره في الطلاق أيضاً.
          والبضعة: بفتح الباء: القطعة من اللحم، ولا شك أنه ◙ يتأذى مما تتأذى به.
          قال الداودي: وفيه دليل أنه ◙ كان اشترط على علي، ولعله إن صح ذلك أن يكون علي تطوع به بعد عقدة النكاح.
          وفيه: دفاع الرجل عن ابنته، وتكنية الكافر، وهو أبو طالب.
          وفيه كما قال المهلب أنه قد يحكم في أشياء لم تبلغ التحريم بأن يمنع منها من يريدها، وإن كانت حلالاً؛ لما يلحقها من الكراهية في العرض، أو المضرة في المال.
          وفيه أيضاً: بقاء عار الآباء في أعقابهم، وأنهم يعيرون بها، ولا يوازون بالأشراف، كما عير رسول الله صلعم بنت أبي جهل، وهي مسلمة بعداوة أبيها لله، يحط بذلك منزلتها عن أن تحل محل ابنته، وكذلك السابقة إلى الخير والشرف في الدنيا يبقى في العقب فضله، ويرعى فيهم أمره، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف:82].
          وفيه دليل: أنه لا تجتمع أمة وحرة تحت رجل إلا برضا الحرة؛ لأنه ◙ لم يجعل بنت عدة مكافئة لابنته، فكذلك المرأتان الغير متكافئتين بالحرية في الإسلام، ولا يجتمعان إلا برضا الحرة، ألا ترى أن رضا فاطمة لو تأتى منها لما منعه ◙ ذلك؛ لأنه قال: ((يؤذيني ما آذاها، وأخاف أن تفتن في دينها)) ولم تكن بنت عدو الله بمأمونة عليها أن تكون ضرة وصاحبة لها، ولو لم يحزنها ذلك ولا أخشي عليها الفتنة لما منعه من نكاح بنت أبي جهل.
          ومن هذا المعنى حديث بريرة وجب تخيير الحرة إذا تزوج عليها أمة؛ ولأن بريرة حين عتقت فارقته؛ لأن زوجها لم يكافئها بحريتها، فكذلك الحرة لا تكافئها المملوكة.
          واختلف العلماء في ذلك، فقال مالك: إذا نكح أمة على حرة يجوز النكاح، والحرة بالخيار.
          وقال الكوفيون والثوري والأوزاعي: لا يجوز أن يتزوج أمة وتحته حرة، ولا يصح نكاح الأمة، ولا فرق بين إذن الحرة وغير إذنها.
          واختلف في نكاح الحرة على الأمة، فقالت طائفة: النكاح ثابت، روي هذا عن عطاء وسعيد بن المسيب، وبه قال الكوفيون والشافعي / وأبو ثور.
          وفيه قول ثان: وهو: أن الحرة بالخيار إذا علمت، هذا قول الزهري ومالك.
          وفيه قول ثالث: وهو أن نكاح الحرة يكون طلاقاً للأمة، روي هذا عن ابن عباس، وبه قال أحمد وإسحاق.