مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام

          ░6▒ باب تزويج المعسر
          فيه سهل عن النبي صلعم. يريد حديثه الذي أنكحها على ما معه من القرآن، وقد سلف. ثم ساق حديث ابن مسعود قال: كنا نغزو مع النبي صلعم... الحديث.
          وجه الاستنباط على ما ترجمه أنه لما نهى أصحابه المعسرين عن الخصاء، ووكلهم إلى النكاح دل على جواز تزويج المعسر، ولو لم يجز التزويج إلا للأغنياء، لحظر عليهم من أجل عُسرتهم، وحصل الشطط، فهو / دليل في حديث ابن مسعود، ونص في حديث سهل بقوله: ((قد زوجتكها بما معك من القرآن)) وكتاب الله تعالى شاهد لصحة هذا المعنى، وهو قوله: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ} [النور:32] الآية. ودل أن الكفاءة إنما هي في الدين لا في المال، وادعى المهلب أن قوله: (تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام) دال على أنه لم يملكها إياه على التعليم، ولو كان عليه لما كان معسراً.
          وقوله: (والإسلام) يدل على ذلك، لأنها كانت مسلمة، فلا يجوز أن يعلمها الإسلام، فيكون على معنى الأجرة، وإنما راعى له ◙ حرمة حفظ القرآن ومن جعله على التعليم فقد تجوز أن لا يتعلم شيئاً، ولا يستحقه الزوج، وقد ملكه الشارع إياها قبل التعليم. هذا كلامه، ومُراد (خ): المعسر من المال لا ما ذكره.
          وفي الدارقطني بإسناد ضعيف من حديث عبد الله بن سخبرة، عن ابن مسعود في قصة الواهبة أنه ◙ قال: في الثالثة لما قال الخاطب: أحفظ سورة البقرة وسوراً من المفصل: ((انكحها على أن تقرئها وتعلمها، وإذا رزقك الله عَوِّضها)) فتزوجها الرجل على ذلك.
          وروى ابن أبي شيبة وغيره من حديث أنس أنه ◙ سأل رجلاً من أصحابه فقال: ((يا فلان تزوجت؟)) قال: لا، وليس عندي ما أتزوج به قال: ((أليس معك {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؟)) قال: بلى. قال: ((ربع القرآن)) وفي غيره: ((ثلث القرآن)).. الحديث.
          وفي رواية أبي الشيخ: ((أليس معك آية الكرسي))؟ قال: بلى. قال: ((ربع القرآن)) وزعم ابن حبيب فيما حكاه ابن الطلاع عنه أنه منسوخ بقوله: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل)) وهو عجيب وأين التاريخ؛ قال غيره: إنه من خواصه لعمل الصحابة فمن بعدهم، سوى الشافعي، إذ لعل المرأة قد كانت تحفظ تلك السور بعينها، أو لعلها لو قرأتها لم تحفظها، وهي إنما كانت رضيت برسول الله. ولم يتزوج أحد من الصحابة بأقل من خمسة دراهم، وليس كما زعم هذا، فالحديث شاهد بنفي الخصوصية ثم الأصل عدمها.
          وزعم ابن الطلاع أنه يقال: إن هذه المرأة كانت خولة بنت حكيم ويقال: أم شريك. قلت: وقيل غير ذلك.