مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها

          ░41▒ بابٌ لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها
          فيه حديث هشام عن يحيى، عن أبي سلمة، أن أبا هريرة حدثهم الحديث ويأتي في ترك الحيل، وأخرجه (م) والأربعة.
          وحديث أبي عمر مولى عائشة واسمه: ذكوان، وكانت دبرته، وهو ثقة، عن عائشة قالت: يا رسول الله، إن البكر تستحيي... الحديث.
          ويأتي في ترك الحيل والإكراه، وأخرجه (م) أيضاً.
          قوله: (الثيب أحق بنفسها من وليها) فيه دلالة على أن الثيب لا تجبر على النكاح، وكأنه جعل ثبوتها علة في ذلك، ودل على أن التي تخالفها وهي البكر تجبر على النكاح، ودل قوله في البكر: (اليتيمة تستأمر في نفسها) أن التي لا أب لها لا تجبر على النكاح، فدل أن البكر التي تجبر على النكاح هي التي لها أب.
          وفرق الخطابي بين الاستئمار والاستئذان أن الأول طلب الأمر من قبلها، وأمرها لا يكون إلا بنطق، والاستئذان: طلب الإذن، وإذنها قد يعلم بسكوتها؛ لأنها إذا سكتت استدل به على رضاها.
          قال ابن المنذر: في هذا الحديث النهي عن نكاح الثيب قبل الاستئمار وعن نكاح البكر قبل الاستئذان، ودل هذا الحديث على أن البكر الذي أمرنا باستئذانها البالغ؛ إذ لا معنى لاستئذان من لا إذن لها، ومن سخطها وسكوتها سواء.
          اختلف في تأويل هذا الحديث، فقالت طائفة: لا يجوز للأب أن ينكح البالغ من بناته بكراً كانت أو ثيباً إلا بإذنها.
          وقالت طائفة: للأب أن يزوج ابنته بغير إذنها، صغيرة كانت أو كبيرة، ولا يزوج الثيب إلا بأمرها، وهو قول ابن أبي ليلى ومالك والليث والشافعي وأحمد وإسحاق.
          وقول الكوفيين: الأيم: التي لا زوج لها، وقد تكون بكراً، وجوابه أن العرب وإن كانت تسمي كل من لا زوج لها أيماً فهو على الاتساع. وأصل اللغة: عدم الزوج بعد أن كان. لكن المراد بالأيم هنا: الثيب، والدليل على ذلك أنه قد روى جماعة عن مالك: ((والثيب أحق بنفسها من وليها)) مكان قوله: ((والأيم أحق بنفسها، ثم قال والبكر تستأمر)) فذكر الأب بعد ذكره الأيم فدل أنها الثيب، ولو كانت الأيم هنا البكر لبطل الولي في النكاح، ولكانت كل بكر لا زوج لها أحق بنفسها من وليها.
          واختلف في الثيب الصغيرة، فقال / مالك وأبو حنيفة: يزوجها أبوها جبراً كالبكر، وسواء أصيبت بنكاح أو زنا، وهو أحد الوجهين عند الحنابلة.
          وعن أبي حنيفة ومالك: إذا حملت من زنا كالبكر. وقال الشافعي: لا تزوج حتى تبلغ فتزوج بإذنها، وسواء جومعت بنكاح أو زنا. ووافقه أبو يوسف ومحمد إذا كان الوطء زنا.