مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: من هاجر أو عمل خيرًا لتزويج امرأة فله ما نوى

          ░5▒ باب من هاجر وعمل خيراً
          ثنا يحيى بن قزعة وهو قرشي حجازي بسنده عن عمر قال: قال النبي صلعم: ((العمل بالنية)).. الحديث وسلف أول الكتاب.
          قال محمد بن الحسن الآجري: لما هاجر رسول الله صلعم من مكة إلى المدينة وجب على جميع المسلمين ممن هو بمكة أن يهاجروا ويدعُوا أهليهم وعشائرهم، يريدون بذلك وجه الله، فكان الناس يهاجرون على هذا النعت، فخرج الرجل من مكة مهاجراً في الظاهر، قد شمله الطريق مع الناس ولم يكن مراده الله ورسوله، وإنما كان مراده تزويج امرأة من المهاجرات هاجرت قبله، أراد تزويجها، فلم يعد في المهاجرين، وسمي: مهاجر أم قيس.
          قال والدي ⌂:
          قوله: (سعيد ابن أبي مريم الجمحي) بضم الجيم وفتح الميم وبالمهملة و(محمد بن جعفر) ابن أبي كثير ضد القليل الأنصاري / ، و(حميد ابن أبي حميد) مصغر الحمد فيهما الطويل ضد القصير، وإنما جاز تمييز الثلاثة بالرهط؛ لأنه في معنى الجماعة فكأنه قال: ثلاثة أنفس والفرق بين الرهط والنفر أنه من الثلاثة إلى العشرة، والنفر من الثلاثة إلى التسعة.
          قوله: (تقالوها) أي: عدوها قليلة ولفظ (أبدا) قيد لليل لا لأصلي وبينهما فرق، و(لا أفطر) أي: بالنهار سوى أيام العيد والتشريق ولهذا لم يقيد بالتأبيد بخلاف أخويه.
          و(أما) بالتخفيف حرف التنبيه، و(رغب عنه) أي: أعرض ورغب فيه أي: أراده والسُّنة الطريقة أعم من الفرض والنفل بل الأعمال والعقائد أو (من) في مني اتصالية أي: ليس متصلاً بي قريباً مني وقيل: معناه من تركها إعراضاً عنها غير معتقد لها على ما هي عليه.
          قوله: (علي) أي: ابن المديني، و(حسان بن إبراهيم) العنزي بفتح المهملة والنون وبالزاي الكرماني، و(يونس بن يزيد) من الزيادة، و(عروة) هو ابن أسماء أخت عائشة ♥، و(الحجر) بفتح الحاء وكسرها، و(أدنى من سنة صداقها) أي: أقل من مهر مثلها.
          قوله: (لا أرب) بفتح الهمزة والراء؛ أي: لا حاجة، و(أبو عبد الرحمن) هو كنية عبد الله بن مسعود، و(خلوا) أي: دخلا في موضع خال، وفي بعضها: ((خليا)) وهو خلاف القياس، و(تعهد) أي: من نشاطك وقوة شبابك، و(ليس له) أي: لعثمان حاجة (إلا هذا) أي: الترغيب في النكاح أشار عبد الله وفي بعضها: ((إلى هذا)) بحرف الجر لا بكلمة الاستثناء يعني: لما رأى عبد الله أن ليس لنفسه حاجة إلى الزواج، وفي بعضها بنصب عبد الله، و(المعشر) هم الطائفة الذين يشملهم وصف، فالشباب معشر والشيوخ معشر وهو جمع الشاب وهو من بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنة.
          وأما (الباءة) فقال النووي: فيها أربع لغات المشهور بالمد والهاء والثانية بلا مد والثالثة بالمد بلا هاء، والرابعة بهاء بلا مد وأصلها لغة الجماع، ثم قيل لعقد النكاح، واختلفوا في المراد بها هنا على قولين:
          أحدهما: أنه الجماع فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح فليتزوج.
          والثاني: أنه مؤن النكاح وسميت باسم ما يلازمها أي: من استطاع منكم النكاح والباعث على هذا التأويل أن العاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة.
          الجوهري: الباءة مثل الباعة لغة في الباء، ومنه سمي النكاح باء وباءة؛ لأن الرجل يتبوأ من أهله؛ أي: يتمكن منها كما يتبوأ من داره.
          و(الوجاء) بكسر الواو وبالمد، رض الخصيتين قيل عليه بالصوم إغراء غائب، وهو من النوادر ولا تكاد العرب تغري إلا الشاهد تقول: عليك زيداً ولا تقول: عليه زيداً.
          وفيه استحباب عرض الصاحب هذا على صاحبه ونكاح الشابة فإنها ألذ استمتاعاً وأطيب نكهة وأحسن عشرة وأفكه محادثة وأجمل منظراً وألين ملمساً وأقرب إلى أن يُعوِّدها زوجها الأخلاق التي ترتضيها واستحباب الأسرار بمثله.
          قوله: (عمارة) بضم المهملة وخفة الميم وبالراء (ابن عمير) التيمي الكوفي، و(عبد الرحمن بن يزيد) من الزيادة ابن قيس النخعي، و(الأسود) أخوه، و(علقمة ابن قيس) عمه يعني: دخلت مع أخي وعمي، و(أغض) بمعنى: الفاعل لا المفعول.
          و(ميمونة) بنت / الحارث الهلالية أم المؤمنين، و(سرف) بفتح المهملة وكسر الراء موضع بينه وبين مكة اثنا عشر ميلاً، و(النعش) سرير الميت، و(الزعزعة) تحريك الشيء وعند النبي(1) حين وفاته وكانت هي واحدة منهن حينئذ (ولا يقسم لواحدة) وهي سودة بنت زمعة العامرية وهبت نوبتها لعائشة.
          قوله: (يزيد) من الزيادة (ابن زريع) مصغر الزرع أي: الحرث، و(سعيد) أي: ابن عروبة بفتح المهملة وضم الراء الخفيفة وبالموحدة، و(خليفة) بفتح المعجمة وكسر اللام وبالفاء، ابن خياط بالمعجمة وشدة التحتانية وبالمهملة الملقب بشباب بالمعجمة والموحدتين، (العصفري) بالمهملتين وبالفاء وبالراء، و(علي بن الحكم) بالمفتوحتين الأنصاري المروزي، و(أبو عوانة) بتخفيف الواو وبالنون اسمه الوضاح، و(رقبة) بفتح الراء والقاف والموحدة، ابن مصقلة بالمهملة والقاف العبدي، و(طلحة بن مصرف) بلفظ فاعل التصريف اليامي بالتحتانية والميم.
          قوله: (خير) فإن قلت: كيف يكون من هو أكثر نساء من آحاد هذه الأمة خيراً من الصحابة ثم الصحابي الذي هو أكثر نساء كيف يكون خيراً من الصديق؟ قلت: المراد به رسول الله صلعم لأنه أكثر نساء من غيره.
          و(الأمة) هي الجماعة أي: خير هذه الجماعة الإسلامية وهو رسول الله صلعم أكثرهم نساء؛ لأن له تسعاً، وإنما قيد بهذه الجماعة لأن سليمان ◙ كان أكثر زوجات من رسول الله صلعم، ويحتمل أن يكون معناه خير أمة محمد صلعم من هو أكثر نساء من غيره إذا تساووا في سائر الفضائل أو له الخيرية من جهة لا مطلقاً.
          قوله: (لتزويج امرأة) أي: يجعلها زوجة نفسه أو التفعيل بمعنى التفعل، و(يحيى بن قزعة) بالقاف والزاي والمهملة المفتوحات، و(علقمة) بفتح المهملة والقاف وسكون اللام ابن وقاص بتشديد القاف وبالمهملة، مر مع الحديث أول الجامع.
          الزركشي:
          (تقالوها) بضم اللام المشددة؛ أي: استقلوها.
          (فخلوا) بالواو المفتوحة، ويقع في بعض النسخ: ((فخليا)) بالياء، والصواب الأول أنه من ذوات الواو مثل قوله: {دَّعَوَا اللّهَ} [الأعراف:189].
          (أما) بتخفيف الميم.
          (الباءة) بالمد على الأفصح، وأصلها الجماع، وهي المراد به هنا، أو مؤن النكاح، قولان، ورجح الثاني؛ فإنه لو كان المراد الوطء لم يقل: ((ومن لم يستطع فعليه بالصوم)).
          (وجاء) بكسر الواو ممدود، رض الخصيتين، فإن نزعتا نزعا فهو خصاء، ورواه بعضهم بفتح الواو والقصر(2). انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (الباءة) هو النكاح والتزويج ويقال فيه الباءة وقد تقصر وهو من المباء المنزل؛ لأن من تزوج امرأة تبوءها منزلاً وقيل: لأن الرجل يتبوء من أهله أي: يتمكن كما يتبوء من مسكنه ومنزله.
          قوله: (وجاء) هو نوع من الخصاء وهو رض الأنثين، وقيل: غمز عروقها والخصاء سن اللبس الذي فيه الخصيتين واستخراجهما، والجب قطع الذكر من أصله شبه الصوم في قطع غلة النكاح وكسره لشهوته بالوجاء الذي يقطع مثل ذلك من الموجوء، ذكره ابن قرقول في ((المطالع)).


[1] في هامش المخطوط: في (ط): ((كان تسع نسوة)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: كما أن الوجاء يكسر شهوة الجماع كذلك الجب للذكر يقطع الشهوة، قلت: مع بقاء الخصيتين ذكر جب الذكر شهوة الجماعة يبقى بخلاف الخصاء مع بقاء الذكر فإنه لا ينفي شهوة أصلاً، والخصاء أنواع أن ينزع الخصيتان ويبقى الذكر وهذا يسمى خصباً، وأن يجب الذكر وتبقى الخصيتان وهذا يسمى مجبوباً، وأن يجب الذكر والخصيتان وهذا يسمى ممسوحاً، فالخصي والممسوح لا تبقى له شهوة الجماع والمجبوب يبقى له شهوة)).