مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من طاف على نسائه في غسل واحد

          ░102▒ باب من طاف على نسائه في غسل واحد
          فيه حديث قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن نبي الله كان يطوف على نسائه، الحديث وسلف في الغسل وسلف هناك: إحدى عشرة. ونقل ابن التين بعد أن ذكره بلفظ سبع، عن الشيخ أبي الحسن / : المعروف تسع.
          ثم قال: ويحتمل أن يكون هذا قبل تزويجه بصفية، وبعد ترك سودة ليومها. ونقل ابن بطال عن جماعة العلماء أنه لا يجوز أن يطأ امرأته في ليلة أخرى، وإنما يجوز في الإماء؛ حيث لا قسمة لهن.
          ويكره للرجل أن يجمع بين امرأتين من نسائه في فراش واحد وإن رضيتا بذلك، ولا يجوز أن يطأ الواحدة والأخرى معه في البيت، وإن لم تسمع ذلك. قال ابن الماجشون: ويكره أن يكون معه في البيت بهيمة أو حيوان. وكان ابن عمر إذا فعل ذلك أخرج كل من عنده في البيت حتى الصبي الممهود، ولا بأس أن يطأ امرأته الحرة ثم يطأ أمته قبل أن يغتسل، ولا بأس أن يطأ أمته ثم يطأ حرته قبله.
          قال غيره: لما جاز له أن يطأ امرأته مرتين أو ثلاثاً ثم يغتسل في آخر ذلك، إذا حضر وقت الصلاة، جاز له أن يطأ امرأتين في ليلة إذا أذنت له صاحبة الليلة، ويغتسل غسلاً واحداً؛ كفعله ◙ في طوافه على نسائه بغسل واحد في ليلة واحدة.
          قال والدي ⌂:
          (باب لزوجك عليك حق).
          قوله: (أبو جحيفة) مصغر الجحفة بالجيم والمهملة عبد الرحمن، و(يحيى ابن أبي كثير) ضد القليل، و(عبد الله) هو ابن عمرو بن العاص.
          وفي الحديث إشارة إلى أن وراء الجسد يعني: هذا الشكل المحسوس من للإنسان شيء آخر يعبر عنه تارة بالروح وأخرى بالنفس.
          قوله: (موسى بن عقبة) بضم المهملة وإسكان القاف ومر الحديث في الجمعة في القرى، و(خالد بن مخلد) بفتح الميم واللام وسكون المعجمة بينهما، و(سليمان) هو ابن بلال، و(الإيلاء) لا يريد به المعنى الفقهي بل المعنى اللغوي وهو الحلف(1).
          فإن قلت: إذا كان اللفظ معنى شرعي ومعنى لغوي يقدم الشرعي على اللغوي؟ قلت: إذا لم يكن ثمة قرينة صارفة عن إرادة معناه الشرعي والقرينة كونها شهراً واحداً.
          و(المشربة) بفتح الميم وتسكين المعجمة وضم الراء وفتحها الغرفة والتعريف في لفظ الشهر للعهد عن ذلك الشهر الذي كان فيه.
          قوله: (معاوية بن حيدة) بفتح المهملة وسكون التحتانية وبالمهملة القشيري بضم القاف وفتح المعجمة وإسكان التحتانية وبالراء، الصحابي البصري غزا خراسان ومات بها، ولفظ: (يذكر) بصيغة التمريض.
          فإن قلت: ما المذكور؟ قلت: ولا يهجر إلا في البيت مرفوعاً إلى النبي صلعم.
          و(الأول) أي: الهجرة في غير البيوت أصح إسناداً من الهجرة فيها، وفي بعضها: غير أن لا يهجر إلا في البيت، فحينئذ فاعل يذكر هجر النبي نساءه أي: يذكر قصة الهجرة عنه مرفوعاً إلا أنه قال: لا يهجر إلا في البيت.
          قوله: (أبو عاصم) هو الضحاك، و(ابن جريج) مصغر الجرج بالجيمين عبد الملك، و(يحيى ابن أبي عبد الله بن صيفي) منسوب إلى ضد الشتوي مولى عثمان ☺، و(عكرمة) بكسر المهملة والراء (ابن عبد الرحمن بن الحارث) ابن هشام المخزومي.
          قوله: (مروان ابن معاوية الفزاري) بالفاء والزاي والراء (أبو يعفور) بالتحتانية المفتوحة وإسكان المهملة وضم الفاء وبالواو والراء عبد الرحمن بن عبيد مصغر ضد الحر العامري مر في ليلة القدر وهو المشهور بأبي يعفور الأصغر، و(أبو الضحى) بضم المعجمة مقصوراً اسمه مسلم، و(ملآن) بوزن فعلان وفي بعضها ملء بسكون اللام أي: مملوء.
          قوله: (غير مبرح) بكسر الراء المشددة أي: شديد الأذى، و(عبد الله بن زمعة) بالزاي والميم والمهملة المفتوحات وقيل: بسكون الميم ابن الأسود القرشي.
          قوله: (لا يجلد) بالجزم، (ثم يجامعها) للاستبعاد؛ أي: يستبعد من العاقل الجمع بين هذا الإفراط والتفريط من الضرب المبرح والمجامعة.
          فإن قلت: ما المفهوم منه أنه لا يضرب أصلاً أو أنه إذا ضربها / لا يجامعها؟ قلت: المجامعة من توابع النكاح وضروراته عرفاً وعادة فالمنتفي هو الأول فكأنه قال إذ لا بد من مجامعتها فلا يفرط في الضرب، وأشار (خ) بتفسير الضرب بغير المبرح إلى وجه التلفيق بين الآية والحديث.
          وفيه جواز ضرب العبد للتأديب ونحوه.
          قوله: (خلاد) بفتح المعجمة وشدة اللام وبالمهملة، ابن يحيى السلمي بضم المهملة، و(إبراهيم) ابن نافع المخزومي المكي، و(الحسن بن مسلم) بلفظ فاعل الإسلام، و(صفية) بكسر الفاء الخفيفة بنت شيبة بفتح المعجمة وسكون التحتانية المكية، و(تمعط) بتشديد المهملة الأولى؛ أي: تساقط وتمزق، و(الموصلات) بفتح المهملة الشديدة وكسرها.
          قوله: (محمد بن سلام) بتخفيف اللام وتثقيلها، و(أبو معاوية) محمد الضرير (ولا يستكثر منها) أي: لا يكثر من مضاجعتها ومحادثتها والاختلاط بها ولا يعجبها، و(أنت في حل) أي: أحللت عليك النفقة والقسمة وهو لا ينفق علي ولا يقسم لي.
          قوله: (العزل) وهو نزع الذكر من الفرج وقت الإنزال، و(عمرو) هو: ابن دينار وغرضه أنا كنا نعزل وما نزل الوحي بالنهي عنه فدل على جوازه مطلقاً.
          قوله: (عبد الله بن محمد) ابن أسماء هو ابن أخي جويرية كلاهما من الأعلام المشتركة بين الرجال والنساء، و(ابن محيريز) مصغر المحراز بالمهملة والراء والزاي عبد الله القرشي، و(سبياً) أي: جواري أخذناها من الكفار أسراً وذلك في غزوة بني المصطلق مر في كتاب العتق، و(النسمة) بالمفتوحات النفس أي: ما نفس قدر كونها إلا وهي تكون سواء عزلتم أو لا؛ أي: ما قدر وجوده لا يدفعه العزل مر في آخر البيع.
          قوله: (عبد الواحد بن أيمن) ضد: الأيسر المكي، و(عليه) في بعضها: عليها، ولا بد من تأويل الحمل بمؤنث، و(له) أي: لرسول الله (شيئاً) والظاهر أنه كلام حفصة، ويحتمل أن يكون كلام عائشة.
          قوله: (زهير) مصغر الزهر ابن معاوية الجعفي، و(سودة) بفتح المهملة (بنت زمعة) بالمفتوحات وقيل بإسكان الميم العامرية.
          قوله: (بشر) بالموحدة المكسورة (ابن المفضل) بفتح المعجمة الشديدة، و(خالد) أي: الحذاء، و(أبو قلابة) بكسر القاف وخفة اللام وبالموحدة عبد الله، و(يوسف بن موسى) ابن راشد ضد الضال الكوفي ولفظ (من السنة) ظاهره أنه خبر وما بعده في تأويل المبتدأ أي: من السنة إقامة الرجل.
          النووي: هذا اللفظ يقتضي رفعه إلى النبي صلعم فإذا قال الصحابي السنة كذا ومن السنة كذا فهو في الحكم كقوله قال النبي صلعم كذا، قال ولو شئت لقلت معناه أن هذا اللفظ وهو من السنة كذا صريح في رفعه فلو شئت أن أقول برفعه بناء على الرواية بالمعنى لقلت ولو قلت لكنت صادقاً.
          الخطابي: السبع تخصيص للبكر لا يحتسب بها عليها وكذا الثلاث للثيب ويستأنف القسمة بعده وهذا من المعروف الذي أمر الله تعالى به في معاشرتهن وذلك أن البكر لما فيها من الحياء ولزوم الخدر تحتاج إلى فضل إمهال وصبر وتأن ورفق والثيب قد جربت الرجال إلا أنها من حيث استجدت الصحبة أكرمت بزيادة الوصلة وهي مدة الثلاث.
          قوله: (يزيد) من الزيادة (ابن زريع) بتصغير الزرع بالزاي والراء والمهملة، اختلف في وجوب القسم على رسول الله صلعم.
          الخطابي: يشبه أن يكون هذا قبل أن يسن القسم لهن فإن كان ذلك بعده فلا شيء في العدل أكثر من الطواف على الكل والتسوية بينهن في ذلك، قال: وقد سألوا عن إباحة الزيادة له على أربع زوجات، وهذا باب له وقع في القلوب وللشيطان مجال في الوسواس به إلا عند من أيده الله تعالى، قال: وأول ما ينبغي أن يعلم فيه أنه صلعم كان بشراً مخلوقاً على طباع بني آدم في باب الأكل والشرب والنوم والنكاح وسائر مآرب الإنسان التي لا بقاء له إلا بها ولا صلاح لبدنه إلا بأخذ الحظ منها والناس مختلفون في تركيب طبائعهم وقواهم ومعلوم بحكم المشاهدة وعلم الطب أن من صحت خلقته وقويت بنيته واعتدل / مزاج بدنه كملت أوصافه وكان دواعي هذا الباب له أغلب ونزاع الطبع منه إليه أكثر.
          وكانت العرب خصوصاً تتباهى بقوة النكاح وكثرة الأولاد كما كانوا يمدحون بقلة الطعام والاجتزاء بالعلقة، فتأمل كيف اختار الله تعالى لنبيه صلعم الأمرين حيث كان يطوي الأيام لا يأكل شيئاً ويواصل في الصوم حتى كان يشد الحجر على بطنه حتى يزداد من أجلها جلالة وفي عيونهم قدراً وفخامة، هذا على ما بعثه الله تعالى به من الشريعة الحنيفية الهادمة لما كان عليه رهابين النصارى من الانقطاع عن النكاح فدعا إلى المناكحة وقال: ((تناكحوا تكثروا)) فكان صلعم أولاهم بإثبات ما دعا إليه واستيفاء الحظ منه ليكون داعية إلى الاقتداء به.
          وأما إباحة الزيادة على الأربع فأمر لا ينكر في الدين، وقد كان لسليمان ◙ مائة امرأة ولا في العقل؛ لأن حكمة الاجتزاء فيه حد والحاجة والمصلحة من غير تحديد له بشيء معلوم، وإنما قصر للأمة على أربع من الحرائر لخوف أن لا يعدلوا فيهن والعجز عن القيام بحقوقهن قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى} [النساء:3] وكانت هذه العلة معدومة في النبي صلعم ومما تبين لك أنه لا عبرة بالعدد وأن النساء من ملك اليمين قد أبحن للأمة بلا عدد محدود، وذلك لأنه ليس لهن حق في التسوية والتعديل على ساداتهن.
          ثم من المعلوم من شأنه صلعم في قلة ذات اليد أنه لم يكن بحيث يتيسر له الاستكثار من عدد الإماء ما يستغنى بمكانهن عن الزيادة على الأربع من الحرائر(2)، ومعقول أن لهن من الفضل في الدين والعقل وأدب العشرة وصراحة النسب ما ليس للإماء فكان أفضل الأمرين أملكهما له وأولاهما به فصرف زيادة حظه من النساء في الحرائر.
          الزركشي:
          (الموصلات) اللواتي يوصلن شعورهن، ويروى: ((الموصلات)) وهو الأشهر.
          (فقال: أو إنكم تفعلون) بفتح الواو.
          (تلدغني) بدال مهملة وغين معجمة، انتهى قول الزركشي.
          أقول:
          قوله: (كنا نعزل على عهد رسول الله صلعم) وجاء في حديث آخر النهي عن العزل، وجمع بينها أن النهي محمول على كراهة التنزيه والأول محمول على أنه ليس بحرام.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: قد ذكر ابن رفعة في الكفاية باب الإيلاء وقال: قد آلا النبي صلعم من نسائه واعترض عليه بذلك)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: ما الحكمة في غدو الأربع للأمة؟ قلت: والله أعلم لأن طبائع الإنسان أربع وهو مخلوق من العناصر الأربع وكذا كل حيوان مخلوق من العناصر الأربع)).