مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها وكيف يقسم ذلك؟

          ░98▒ باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها
          فيه حديث عائشة أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، الحديث، وسلف في المظالم عنها في تفسير {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء:128] وكذا في التفسير، في سورة النساء.
          ويريد بقوله: (وكيف يقسم ذلك) أن تكون فيه الموهوبة بمنزلة الواهبة في رتبة القسم، فإن كان يوم سودة ثالثاً ليوم عائشة أو رابعاً أو خامساً استحقته عائشة على حسب القسمة التي كانت لسودة، ولا تتأخر عن ذلك اليوم ولا تتقدم، ولا يكون ثالثاً ليوم عائشة إلا أن يكون يوم سودة بعد يوم عائشة.
          قال قتادة في قوله تعالى: {تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ}الآية [الأحزاب:51]، قال: هذا شيء خص الله به نبيه، وليس لأحد غيره، كان يدع المرأة من نسائه ما بدا له بغير طلاق وإذا شاء راجعها.
          قال غيره: وكان ممن آوى إليه عائشة وحفصة وزينب وأم سلمة، وكان قسمه من نفسه وماله فيهن سواء، وكان ممن أرجى: سودة وجويرية وصفية وأم حبيبة وميمونة، وكان يقسم لهن ما شاء.
          واختلف في كم يقسم لكل واحدة من نسائه، فقال ابن القاسم: لم أسمع مالكاً يقول إلا: يوماً لهذه ويوماً لهذه.
          وقال الشافعي: إن أراد أن يقسم ليلتين ليلتين، وثلاثاً ثلاثاً كان له ذلك، وأكره مجاوزة الثلاث في العدد، وهو الأصح من مذهبه.
          قال ابن المنذر: ولا أرى مجاوزة يوم؛ إذ لا حجة مع من تخطى سنة رسول الله إلى غيرها، ألا ترى قوله في الحديث أن سودة وهبت يومها لعائشة، ولم يحفظ عن رسول الله في قسمته لأزواجه أكثر من يوم وليلة، ولو جاز ثلاثة لجاز خمسة وشهراً، ثم يتخطى بالقول إلى ما لا نهاية له، ولا يجوز معارضة السنة.
          وكان مالك يقول: لا بأس أن يقيم الرجل عند أم ولده اليوم واليومين والثلاثة، ولا يقيم عند الحرة إلا يوماً، من غير أن يكون مضاراً بها.
          قال الشافعي: يأتي الإماء ما شاء أكثر مما يأتي الحرائر الأيام والليالي، فإذا صار إلى الحرائر عدل بينهن.