مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب المداراة مع النساء

          ░79▒ باب المداراة مع النساء
          وقول النبي صلعم: ((إنما المرأة كالضلع)).
          ثم أسنده عيينة من حديث أبي هريرة: ((المرأة كالضلع)) الحديث.
          وثبت بألفاظ أخر، ففي لفظ: ((فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه)) الحديث وذكره في الباب بعده، وفي آخر عند (م): ((لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها)) وقد نظم هذا المعنى:
هي الضلع العوجاء ليس يقيمها                     ألا إن تقويم الضلوع انكسارها
أتجمع ضعفاً واقتداراً على الفتى                     أليس عجيباً ضعفها واقتدارها
          وقول (خ): باب المداراة، آكد في الأصول قال ابن فارس: دارأت فلاناً إذا دفعته، وداريته ختلته ولاينته، وقد سوى أبو عبيدة بينهما في باب ما يهمز وما لا يهمز، والضلع بكسر الضاد وفتح اللام، وقيل بسكونها.
          قال ثابت في ((دلائله)) بعد أن حكى اللغتين: وإنما سميت بذلك المرأة؛ لأنها من المرء خلقت / .
          قال أبو زيد: هو المرء والأمر، وأنها هي الامرأة، والمرأة والمرأتان، ولا تجمع.
          قوله: (كالضلع): يريد أنها عوجاء كالضلع(1).
          والعوج قال ابن السكيت: هو بفتح العين فيما كان منتصباً كالحائط والعود، وما كان في نشاط أو دين أو معاش فهو بكسر العين، يقال: في دينه عوج. ويؤيد ما ذكره قوله تعالى: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه:107].
          وقال: هو بالفتح في كل شخص مرئي، وبالكسر فيما ليس بمرئي كالرأي والكلام. وقال أبو عمرو الشيباني: هو بالكسر فيهما جميعاً، ومصدرهما بالفتح معاً، حكاه ثعلب عنه.
          وقال الجوهري: هو بالفتح مصدر قولك عوج بالكسر فهو أعوج، والاسم: العوج بكسر العين.
          قوله: (وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) ولم يقل أعلاها، والضلع مؤنثة، وكذلك قوله: ((لم يزل أعوج)) ولم يقل عوجاء؛ لأنه تأنيث ليس بحقيقي.
          وقال الداودي: إنما قال ((كالضلع))؛ لأنها خلقت من ضلع آدم، من قصيرته، نام نومة، فاستل الملك ضلعه، فخلقت منه حواء، فاستيقظ آدم وهي جالسة عنده، فضمها إليه(2).
          قال: وقوله: (أعوج شيء في الضلع أعلاه) ضربه مثلاً لإعلاء المرأة؛ لأن فيه اللسان وهو الذي يبقي من المرأة. وقيل في قوله تعالى: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء:90] أنها كانت في لسانها طول فأذهب عنها ذلك. وروي عنه ◙ أنه قال في آدم: ((فضلته بثلاث: كانت زوجته عوناً عليه وكانت زوجتي عوناً لي، ووسوس إليه شيطانه وأعانني الله على شيطاني فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير)).
          والمداراة أصل الألفة واستمالة القلوب؛ من أجل ما جبل الله عليه خلقه وطبعهم من اختلاف الأخلاق، وقد قال ◙: ((مداراة الناس صدقة)) وقد عرفنا في هذا الحديث أن سياسة النساء أخذ العفو عنهن والصبر على عوجهن، وأن من رام إقامة ميلهن عن الحق، وأراد تقويمهن، عدم الانتفاع بهن وصحبتهن لقوله: ((إن أقمتها كسرتها)) ولا غنى بالإنسان عن امرأة؛ يسكن إليها، ويستعين بها على معاشه ودنياه، فلذلك قال ◙: ((إن الاستمتاع بالمرأة لا يكون إلا بالصبر على عوجها)).


[1] في هامش المخطوط: ((وحواء ليست من تراب ولا من نطفة، قلت: لا تدل الآية على حصر فيكون خلق حواء فيها بالياً)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} الآية، فالخلق من الخالق جل وعلا إما من الطين كآدم، وإما من نطفتين كالبشر، وإما من نطفة واحدة كعيسى، فإنه من أم بلا أب، وحواء ليست من تراب ولا من نطفة، قلت: لا تدل الآية على حصر فيكون خلق حواء فيها باليا، وقد جعلت القسمة رباعية: من تراب، ومن أب ومن أب وأم، ومن أم، كآدم وحواء وسائر البشر وعيسى والحكمة والله أعلم في أنها خلقت من الضلع أنه قريب إلى القلب فلهذا يغلبن على قلوب الذكور وعقولهن وسبب الميل إليهن والله أعلم أنهن جزءاً من الذكور فالشيء يحب جزءه وبعضه كمحبة الوالد الولد لا يشبهه شيء أصلاً)).