مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يقول الرجل إذا أتى أهله

          ░66▒ باب ما يقول الرجل إذا أتى أهله
          فيه حديث ابن عباس قال: قال النبي صلعم: ((أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله: بسم الله)) الحديث، وسلف في الطهارة وصفة إبليس.
          وفيه: أن الدعاء يصرف البلاء ويعتصم به من نزغات الشيطان وأذاه.
          قال الطبري: فإذا قال ذلك عند جماع أهله كان قد اتبع سنة رسول الله صلعم، ورجونا له دوام الألفة / بينهما، ومملوكته كذلك إذ يمكن أن يحدث بينهما، ولد.
          واختلف في الضرر المدفوع، فقيل: إنه الطعن الذي يطعن المولود عند الولادة الذي عصم منه عيسى ◙، فطعن شيطانه في الحجاب لما استعاذت به منه أمه. وقيل: هو أن لا يصرع ذلك المولود الذي يذكر اسم الله عليه ويستعاذ من الشيطان عند جماع أمه، وكلاهما سائغ، ولا يجوز أن يكون الضرر الذي يكفاه من الشيطان كل ما يجوز أن يكون من الشيطان، فلو عصم أحد من ضرره لعصم منه من اعترض عليه في الصلاة والقراءة(1).
          قال والدي ⌂:
          (باب من بنى بامرأته).
          قوله: (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وبالمهملة ابن عقبة بضم المهملة وإسكان القاف، و(عروة) تابعي فالحديث مرسل، و(صفية بنت حيي) بضم المهملة وخفة التحتانية الأولى المفتوحة وشدة الثانية، مر الحديث مراراً.
          قوله: (مركب) أي: ركوب، وفي بعضها بالواو وهو(2) القوم الركوب على الإبل للزينة، و(فروة) بفتح الفاء وسكون الراء وبالواو، ابن أبي المغراء بفتح الميم وإسكان المعجمة وبالراء وبالمد، و(علي بن مسهر) بفاعل الإسهار بالمهملة والراء، و(لم يرعني) بالراء والمهملة؛ أي: لم يفجأني ولم يفزعني، و(محمد بن المنكدر) بالنون وكسر المهملة، و(الأنماط) جمع النمط بالمفتوحتين وهو ضرب من البساط وقيل: هو ظهارة الفراش، و(ستكون) هي تامة ولا تحتاج إلى الخبر، و(يهدين) من الإهداء ومن الهداء والتزفيف.
          و(الفضل) بسكون المعجمة، و(محمد بن سابق) ضد اللاحق و(خ) كثيراً يروي عن محمد بن سابق بدون واسطة كما في آخر كتاب الوصايا.
          قوله: (لهو) فإن قلت: أفيه رخصة للهو؟ قلت: لا إذ يحتمل أن يكون ذلك مجرد استخبار. فإن قلت: السياق مشعر بتجويز ذلك، وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان:6] قلت: ذلك عام وهذا مخصص له وقد مر آنفاً نحوه قال قولي بالذي كنت تقولين.
          قوله: (إبراهيم) أي: ابن طهمان بفتح المهملة، و(أبو عثمان) هو الجعد بفتح الجيم وسكون المهملة ابن دينار اليشكري وهو رفاعة بكسر الراء وخفة الفاء وبالمهملة، و(الجنبات) بفتح الجيم والنون والموحدة النواحي، و(أم سليم) بضم المهملة وفتح اللام وتسكين التحتانية أم أنس.
          فإن قلت: أكانت هي محرماً لرسول الله؟ قلت: كانت خالة لرسول الله صلعم إما من الرضاع، وإما من النسب والعر[و]س نعت يستوي فيه الرجل والمرأة.
          و(الحيسة) المخلوطة من التمر والسمن ونحوه، و(غاص) بالمعجمة ثم المهملة؛ أي: ممتلئ بهم، و(تصدعوا) أي: تفرقوا وفيه معجزة لرسول الله صلعم، و(اغتم) من الاغتمام؛ أي: أحزن لعدم خروجهم.
          قوله: (عبيد) مصغر ضد الحر، و(أسماء) بوزن حمراء أخت عائشة، و(أسيد) مصغر أسد ابن حضير مصغر ضد السفر، مر الحديث في أول التيمم.
          قوله: (سعد بن حفص) بالمهملتين، و(شيبان) بفتح المعجمة وسكون التحتانية، و(سالم ابن أبي الجعد) بفتح الجيم وإسكان المهملة الأولى، و(كريب) مصغر الكرب، و(أما) بالتخفيف.
          فإن قلت: ما الفرق بين القضاء والقدر؟ قلت: لا فرق بينهما لغة وأما في الاصطلاح فالقضاء هو الأمر الكلي الإجمالي الذي في الأزل والقدر هو جزئيات ذلك الكلي وتفاصيل ذلك المجمل الواقعة في الإنزال وفي القرآن إشارة إليه حيث قال: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [الحجر:21].
          قوله: (لم يضره) بفتح الراء وضمها، فإن قلت: كل مولود يمسه الشيطان / إلا مريم وابنها ولا بد له من وسوسته قلت: أي لم يسلط عليه بحيث لم يكن له العمل الصالح.
          قال القاضي: لم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوساوس، فقيل: المراد أنه لا يصرعه شيطان وقيل: لا يطعن فيه عند ولادته، مر الحديث في أول الوضوء.
          الزركشي:
          (فلم يرعني) بفتح أوله وضم ثانيه؛ أي: يفزعني، وهو يستعمل في كل أمر يطرأ فيرتاع لفحاته.
          (الأنماط) ضرب من البسط له خمل رقيق، وهو ما يستر به المخدع ونحوه، وليس الذي يستر به الحيطان الذي كرهه النبي صلعم وهتكه، وقال: ((ما أمرنا أن نكسو الحجارة والطين)).
          (بجنبات أم سليم) الجنبات بفتحتين النواحي، ويحتمل أن يكون مأخوذاً من الجناب وهو الفناء.
          (فعمدت إلى تمر وأقط وسمن) سيذكر بعد ورقة عن أنس أنه أولم عليها بشاة، وهنا بالحيس، وفيه كانت الآية، فقال القاضي: هو وهم من بعض الرواة، وتركيب قصة على أخرى، وقال غيره: بل يصح، وأنه اجتمع فيه الأمران. انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (يعجبهم اللهو) هو اللعب يقال: لهوت بالشيء ألهو لهواً وتلهيت به أو ألعبت به وتشاغلت وغفلت به عن غيره، وألهاه عن كذا أي: شغله ولهيت عن الشيء بالكسر ألهي بالفتح لهياً إذا سلوت عنه وتركت ذكره وإذا غفلت عنه واشتغلت.
          قوله: (زفت امرأة إلى رجل من الأنصار) هي القارعة بنت أسعد بن زرارة الأنصاري أوصى بها أبو بكر إلى رسول الله صلعم فزوجها رسول الله صلعم من سبط بن جابر من بني النجار.
          قوله: (حبسه الحيس) هو الخلط ومنه سمي الحيس وهو ثمر يخلط بسمن وأقط، قال الزاجر:
التمر والسمن معاً ثم الأقط                     الحيس إلا أنه لم يختلط
          قوله: (غاص بأهله) أي: ضيق بهم لم يكد يسعهم، وهو من قولهم غصصت بالماء أغص غصصاً فأنا غاص وغصان إذا شرقت به، أو وقف في حلقك فلم تكد تسيغه.
          قوله: (تصدعوا عنها) أي: تفرقوا.
          قوله: (أغتم الغمة الضيق) كأنه ضاق عليه ذلك الأمر.
          قوله: (للمسلمين فيه بركة) أصل البركة الزيادة واللزوم من برك البعير إذا أناخ في موضع فلزمه.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن [قلت] فحينئذ يلتزم فضيلة عيسى على سيدنا رسول الله لأنه يعرض له في الصلاة؟ قلت: لا يلزم من حصول هذه الفضيلة حصول الفضل مطلقاً مع أنه أين ذكر أنه لم يتعرض لعيسى في أمر مطلقاً، ومن الجائز أنه يكون قد يعرض له في بعض الأوقات بهاتيه أنه لما طعن طعن في الحجاب، وهذا لا يدل على أنه لا يتعرض له في غير تلك الحال)).
[2] في هامش المخطوط: في (ط): ((وهم)).