مجمع البحرين وجواهر الحبرين

الترغيب في النكاح

          ░1▒ باب الترغيب في النكاح
          فيه حديث أنس: ((جاء ثلاثة رهط)) الحديث أخرجه (ن) (م).
          وفيه: أن النكاح من سنن الإسلام. وفي (ت): أنه من سنن المرسلين، فلا رهبانية في شريعتنا، وأن من ترك النكاح رغبة عن السنة فهو مذموم مبتدع، ومن ترك من أجل أنه أوفق له وأعون على العبادة فلا ملامة عليه، كما قاله المهلب، إذ لم يرغب عن سنة نبيه وطريقته.
          وفيه: الاقتداء بالأئمة في العبادة، والبحث عن أحوالهم وسيرهم في الليل والنهار، وأنه لا يجب أن يتعدى طرق الأئمة الذين وصفهم الله ليقتدي بهم في الدين والعبادة، وأنه من أراد الزيادة على سيرهم فهو مقل، وأن الأخذ في العبادة بالتوسط و / القصد أولى حتى لا يعجز عن شيء منها ولا ينقطع دونها لقوله ◙: ((خير العمل ما دام عليه صاحبه وإن قل)) وعند داود وأتباعه: أنه واجب في حق الخائف؛ أي: العقد دون الدخول مرة في العمر، للحديث الآتي: ((من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) وآخر الحديث يرد عليه، وأن المقصود به الوطء، فكيف يحصل المقصود بالمرأة؟
          قالوا: ومن قدر على غض بصره وتحصين فرجه فلا يجب عليه. وعند أكثر العلماء أنه لا يجب، وفي رواية عن أحمد: يجب التزويج أو التسري عند خوف العنت، وهو وجه لنا، والآية خيرته بين النكاح والتسري في قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:3] والتسري بالاتفاق، ثم الآية قصدت لبيان أعداد النساء فقط.
          وقوله: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى} [النور:32] هو أمر للأولياء بالإنكاح لا للأزواج به، والحكمة في النكاح الاختيار، والابتلاء، وكثرة النسل، والعفة به وغير ذلك، وسيأتي أن خير هذه الأمة أكثرها نساء.
          وذكر (خ) أيضاً حديث عائشة في قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ} [النساء:3] إلى آخره سلف في تفسير سورة النساء.
          وفيه من الفقه:
          ما قاله مالك من صداق المثل والرد إليه فيما فسد صداقه ووقع الغبن في مقداره؛ لقولها: (من سنة صداقها)، فوجب أن يكون الصداق معروفاً لكل طبقة من الناس على قدر أحوالهم، وعنده أن أقله هو الذي يؤدي إليه النظر على كتابه إليه، ويصححه القياس من أنه لا يستباح عضو مسلمة بأقل من استباحة الشارع من عضو مسلم بالسرقة، وذلك ربع دينار، فما كان أقل من ذلك.
          وجوابه: أن السنة ثبتت بأقل من ذلك وهو وقوعه على نعلين، وجاء أنه ما تراضيا به الأهلون، ومنع ما ذكره من القياس.
          وفيه: أن تفسير القرآن لا يؤخذ إلا عمن له علم به كما كانت عائشة أولى الناس بعلمه من قبل الشارع لاختصاصها منه.