مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يتقى من شؤم المرأة

          ░17▒ باب ما يتقى من شؤم المرأة
          فيه أحاديث:
          1- حديث ابن عمر أن رسول الله صلعم قال: ((الشؤم في المرأة والفرس والدار)).
          2- حديث سهل بن سعد أن رسول الله صلعم قال: ((إن كان في شيء / ففي المرأة والفرس والمسكن)). وسلفا في الجهاد، وفي إسناد الثاني من حديث ابن عمر، عمر بن محمد العسقلاني، وهو عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أخو واقد وعاصم وزيد وأبي بكر، مدني، نزل عسقلان ومات بها مرابطاً بعد أخيه أبي بكر بقليل، ومات أبو بكر بعد خروج محمد بن عبد الله، وخرج سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل: سنة خمسين.
          وقد أسلفنا في الجهاد الكلام على [ذلك] وأنه حقيقة.
          وهو قول مالك، ويؤيده قوله: الشؤم في كذا أو إنما الشؤم في كذا، وإن منهم من قال: إنه ليس حقيقة. ويؤيده رواية: ((إن كان الشؤم في شيء)) والآية التي ذكرها (خ) نزلت في نساء أهل مكة منعهن أزواجهن وأولادهن من الهجرة وتعلقن بهم فنزلت الآية.
          قال أبو عبد الملك: ويجوز أن يكون على الحقيقة، وأن الشيطان يلقي على الرجل ما يشغله عن الطاعة في بعض الأوقات ويدله على المعصية، وقد يعقه فيرتكب كبيرة، ولما كان الشؤم من قبل المرأة كان الحديث مطابقاً لما بوب عليه.
          وعن (خ): شؤم الفرس إذا كان حروناً، وشؤم المرأة سوء خلقها، وشؤم الدار سوء جارها. وعن ابن عباس مرفوعاً: ((شؤم الفرس صعوبة رأسه، ومنع جانبه، وشؤم المرأة كثرة خدامها وسوء خلقها، وشؤم الدار سوء جوارها وضيق فنائها)).
          3- حديث أسامة بن زيد، أن رسول الله صلعم قال: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)).
          أخرجه عن آدم، ثنا شعبة، وأخرجه (م) في الدعوات و(ت) في الاستئذان، وأخرجه (ن) في عشرة النساء، و(ق) في الفتن.
          وفيه: أن فتنة النساء: أعظم الفتن مخافة على العباد؛ لأنه ◙ عم جميع الفتن بقوله: ((ما تركت بعدي..)) إلى آخره.
          ويشهد لصحته قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}الآية [آل عمران:14]، وقدم النساء على جميع الشهوات، وقد روي عن بعض أمهات المؤمنين أنها قالت: من سيئاتنا قدمنا على جميع الشهوات. فالمحنة بالنساء أعظم المحن على قدر الفتنة بهن، وقد أخبر تعالى أن منهن لنا عدوًّا فينبغي للمؤمنين الاعتصام بالله والرغبة إليه في النجاة من فتنتهن.
          وقد روي في الحديث: ((أنه لما خلق الله المرأة فرح الشيطان فرحاً عظيماً، وقال: هذه حبالتي لا يكاد يخطئن من نصبتها له)) وفي الحديث: ((النساء حبائل الشيطان))، وفي ((ربيع الأبرار)) قال ◙: ((استعيذوا بالله من شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر)).
          وفي حديث آخر: ((اتق سلاح إبليس النساء))، و((لقي عيسى ◙ إبليس وهو يسوق أحمرة خمسة عليها أحمال، فسأله، فقال: أحمل تجارة وأطلب مشترين، ما أحدها الكيد قال: من يشتريه؟ قال: النساء:..)) شر كلهن وشر ما فيهن قلة الاستغناء عنهن، وفي رواية: قالوا: يا رسول الله، ما فتنتهن؟ قال: ((إذا لبسن ريط الشام، وحلل العراق، وعصب اليمن، وملن كما تميل أسنمة البخت، فإذا فعلن ذلك كلفن المعسر ما ليس عنده)).
          وسيأتي في الطب في باب: الطيرة رد على من زعم أن أحاديث الشؤم تعارضها. وقد سلف في الجهاد أيضاً.
          ولأبي داود من حديث ابن أبي وقاص مرفوعاً: ((إن كانت في شيء ففي المرأة والدابة والدار)).
          قال الحليمي في ((منهاجه)): والتطير قبل الإسلام كان من وجوه منها: زجر الطير، وصوت الغراب، ومرور الظبي، والعجم يتطيرون برؤية صبي يذهب إلى المعلم ويتيمنون برجوعه، وكذا يتشاءمون برؤية السقاء على ظهره قربة / مملوءة مشدودة، وبالحمال المثقل الحمل، وهذا كله باطل، وقد نهينا عن الباطل.
          وحديث: ((الشؤم في ثلاث)) ليس من التطير في شيء.
          قوله: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) هو من باب تجنب العار؛ لأن الجذام معد ومنفر أعني: معدي من شخص إلى آخر، ويوجد في النسل، والمعدية: الجرب والجدري والحصبة والبخر والرمد، والمرض الوبائي، والمقعية البرص والدق والسل والمالتموليا والصداع والنقرس. فالأمر بالفرار من المجذوم لهذا لا للتطير.
          وأما أكله مع المجذوم فيحتمل أن يكون ذلك استشفاء له بالإصابة من طعام رسول الله صلعم واجتماع يده في القصعة مع يده ثقة بالله وتوكلا عليه، وأما نهيه عن تسمية الغلام يساراً وشبهه فإنما هو لئلا يقال: ليس هنا وشبهه.
          قال والدي ⌂:
          (الأكفاء) جمع الكفء وهو المثل والنظير.
          و(أبو حذيفة) مصغر الحذفة بالمهملة والمعجمة والفاء، اسمه: مهشم أو هشيم أو هاشم ابن عتبة بضم المهملة وإسكان الفوقانية (ابن ربيعة) بفتح الراء ابن عبد شمس القرشي، و(سالما) هو ابن معقل بفتح الميم وكسر القاف، الإصطخري مملوك امرأة من الأنصار اسمها: ثبيتة بضم المثلثة وفتح الموحدة وإسكان التحتانية وبالفوقانية، وقيل: عمرة وقيل: سلمى بنت يَعار بالتحتانية والمهملة والراء الأنصارية فأعتقته فانقطع الى زوجها أبي حذيفة فتبناه؛ أي: اتخذه ابناً فنسب إليه، فلما نزل: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب:5] قيل له سالم مولى أبي حذيفة وأنكحه ابنة أخيه هنداً.
          وقال في ((الاستيعاب)): اسمها فاطمة بنت الوليد بفتح الواو ابن عتبة بالضم وسكون الفوقانية.
          و(سهلة بنت سهيل) مصغراً، ابن عمرو القرشي وهي أيضاً امرأة أبي حذيفة ضرة المعتقة وهذه قرشية وتلك أنصارية، و(ما قد علمت) هو {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} وذكر الحديث وهو أنها قالت: يا رسول الله إن سالماً بلغ مبلغ الرجال وإنه يدخل علينا، وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك في شيئاً فقال: ((أرضعيه تحرمي عليه ويذهب ما في نفسه)) فأرضعته فذهب الذي في نفسه قالوا: هذا كان من خصائصه.
          القاضي عياض: لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها وغير التقاء بشرتيهما، ويحتمل أنه عفى عن مسه للحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبر.
          قوله: (عبيد) مصغراً، و(ضباعة) بضم المعجمة وخفة الموحدة وبالمهملة، بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمي، و(ما أجدني) أي: ما أجد نفسي وكون الفاعل والمفعول ضميرين لشيء واحد من خصائص أفعال القلوب واشترطي أي: أنك حيث عجزت عن الإتيان بالمناسك وانحبست عنها بسبب قوة المرض تحللت عن الإحرام وقولي: اللهم مكان تحللي عن الإحرام مكان حبستني فيه عن النسك بعلة المرض.
          الخطابي: فيه دليل على أن المرض لا يقع به الإحلال ولو كان يقعُ به لما احتاجت إلى هذا الشرط وهذا بخلاف الإحصار بالعدو المانع وقيل: كان هذا من خصائص ضباعة، وفيه أن المحصر يحل حيث يحبس وينحر بُدنه هناك حلالاً كان أو محرماً.
          قوله: (المقداد) بكسر الميم وإسكان القاف وبالمهملتين، ابن عمرو البهراني بالموحدة والراء يعرف بابن الأسود ضد الأبيض لتبينه له.
          فإن قلت: ما وجه مطابقته للترجمة؟ قلت: سالم عجمي وهند قرشية وضباعة هاشمية والمقداد / بهراني لكنهما أكفاء بحسب الإسلام.
          قوله: (سعيد) هو المقبري، و(الحسب) ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه. القاضي البيضاوي: من عادة الناس أن يرغبوا في النساء لإحدى الأربع واللائق بأرباب الديانات وذوي المروءات أن يكون الدين مطمح نظرهم في كل شيء لا سيما فيما يدوم أمرُه، ولذلك اختاره الرسول صلعم بآكد وجه وأبلغه فأمر بالظفر الذي هو غاية البغية.
          قوله: (فاظفر) جزاء شرط محذوف؛ أي: إذا تحققت بفضيلتها فاظفر أيها المسترشد بها فإن بها تكسب منافع الدارين، و(تربت يداك) دعاء في أصله إلا أن العرب تستعملها للإنكار والتعجب والتعظيم والحث على الشيء وهذا هو المراد به هاهنا.
          وفيه الترغيب في صحبة أهل الدين في كل شيء؛ لأن صاحبهم يستفيد من أخلاقهم ويأمن المفسدة من جهتهم.
          قال محيي السنة: هي كلمة جارية على ألسنتهم كقولهم لا أب لك ولم يريدوا وقوع الأمر وقيل قصده بها وقوعه لتعديه ذوات البين إلى ذوات المال ونحوها أي: تربت يداك إن لم تفعل ما أمرت به.
          قوله: (إبراهيم بن حمزة) بالزاي، و(عبد العزيز بن أبي حازم) بالمهملة وبالزاي، و(حري) أي: جدير، و(يشفع) أي: تقبل شفاعته وتشفع بالتشديد، و(ملء) بكسر الميم، و(مثل) بالجر وبالنصب فإن قلت: كيف كان ذلك؟ قلت: إن كان الأول كافراً فوجهه ظاهر، وإلا فيكون ذلك معلوماً لرسول الله صلعم بالوحي.
          قوله: (المقل) أي: المفتقر، و(المثرية) أي: الكثير المال يقال: أثرى الرجل إذا كثر أمواله، و(الحجر) بكسر الحاء وفتحها، و(رغب فيها) إذا مال إليها ورغب عنها إذا أعرض عنها ولم يردها.
          قوله: (حمزة) بالمهملة والزاي، والواو (في الشؤم) أصلها الهمز لكن الأصل، و(شؤم الدار) ضيقها وسوء جوارها، و(شؤم الفرس) أن لا يعرى عليها وجماحها ونحوه، و(شؤم المرأة) عقمها وغلاء مهرها وسوء خلقها والغرض منه الإرشاد إلى مفارقتها لا الطيرة المنهي عنها.
          الخطابي: هذه الأشياء ليست لها في نفسها فعل وتأثير وإنما ذلك بمشيئة الله تعالى وقضائه والإضافة إليها إضافة إلى محالها وخصت هذه الثلاثة بالذكر؛ لأنها أعم الأشياء التي يقتنيها الناس، ومر في كتاب الجهاد في باب شؤم الفرس.
          قوله: (محمد بن منهال) بكسر الميم وإسكان النون، و(يزيد) من الزيادة (ابن زريع) مصغر الزرع، و(عمرو بن محمد) بن زيد ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب العسقلاني بفتح المهملة الأولى وتسكين الثانية وبالقاف المفتوحة، و(أبو عثمان) عبد الرحمن النهدي بفتح النون وإسكان الهاء وبالمهملة.
          قوله: (أضر) وذلك أن المرأة ناقصة العقل والدين وغالباً يرغب زوجها عن طلب الدين وأي فساد أضر من ذلك وأنه تعالى قدمها في آية الشهوات على سائر الأنواع التي جعلهن في نفس الشهوة حيث قال: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء}الآية [آل عمران:14].
          الزركشي:
          (أنكحه ابنت أخيه هند) بالفتح والتنوين؛ لأنه يجوز فيه الصرف وعدمه، قال السفاقسي: وضبط ((أخته)) بضم الهمزة وسكون الخاء وهو غير صحيح.
          وقيل: إن اسمها فاطمة بنت الوليد، واحتج من منع وخالف (خ) بأن قال: ((إنما نكحت هذه سالماً ونكحت زينب زيداً قبل أن يُدعيا إلى أبويهما)) وهم يرون أن من تبنى أحداً فهو ابنه.
          (اللهم محلي) بكسر الحاء مصدر بمعنى الإحلال، ولهذا ذكر بعده / الظرف وهو حيث، ومن فتح فقد أخطأ.
          (وكانت تحت المقداد بن الأسود) هذا يدفع الاستدلال، فإن ضباعة بنت عمة النبي صلعم والمقداد مولى حليف الأسود بن عبد يغوث تبناه ونُسب إليه.
          (المثربة) أي: كثيرة المال، ثرى القوم إذا كثرت أموالهم.
          (الشؤم) بالهمز وقد تسهل.