مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ضرب الدف في النكاح والوليمة

          ░48▒ باب ضرب الدف في النكاح والوليمة
          فيه حديث الربيع بن معوذ بن عفراء: الحديث وسلف في المغازي.
          ولابن ماجه: ((أما هذا فلا تقولوه، ما يعلم ما في غد إلا الله)).
          قوله: (يوم بدر) كذا هنا، وذكر الكلبي يوم بعاث، وقال ابن التين عن (ن): حديث حسن، وإنما هو من قتل من آبائي يوم أحد. وفي بعض روايات (خ): ((من قتل آبائي)) بسقوط من.
          والندب: ذكر النادبة الميت بحسن الثناء والافتخار، قال ابن العربي: وكانوا كفاراً فلم يكن في ذكرهم بحضرة الشارع حرج بما يذكرون به، ولو كانوا مسلمين لم ينبغي أن يُندَبُوا بمدح؛ لأن ذلك مما يوجب لهم عذاباً، وإنما يندبون بترحم ودعاء، قلت: عندنا لا يعذب به إلا إذا أوصى به.
          وفي الحديث فوائد: تشريف الربيع بدخول سيد الخلق صلعم عليها وجلوسه أمامها حيث يجلس الرأس، والضرب بالدف في العرس في حضرة شارع الملة، ومبين الحل من الحرمة، وإعلان النكاح بالدف والغناء المباح فرقاً بينه وبين ما يستتر به من السفاح(1)، وإقبال العالم والإمام إلى العرس. وإن كان لعب وهو مباح، فإنه يورث الألفة والانشراح. وليس الامتناع من ذلك من الحياء الممدوح بل فعله هو الممدوح المشروع، وجواز مدح الرجل في وجهه بما فيه، والمكروه من ذلك مدحه بما ليس فيه.
          قوله: (حين بنى علي) هذه اللغة الفصيحة، وأصله أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل عليها فيها. وأنكر غير واحد من النحويين: بنى بي. وقد وردت في أحاديث صحيحة.
          و(الدف) داله مضمومة على الأفصح وقد تفتح، وهو الذي بوجه واحد، واختلف في الضرب بالوجه من الوجهين جميعاً كما قال ابن التين.
          قوله: (دعي هذا) أي: أن الغيب لا يعلمه إلا الله، ومن أحاديث الباب على شرط الصحيح:
          حديث محمد بن حاطب رفعه: ((فصل ما بين الحلال والحرام الضرب بالدف)) أخرجه (ن) (ق) (ت) وقال: حسن صحيح. وصححه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
          وحديث بريدة أن رسول الله صلعم لما رجع من بعض مغازيه جاءته جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إني نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها: ((إن كنت نذرت فأوفي بنذرك)).
          رواه (ت) وقال: حسن صحيح / ونازعه ابن القطان. ورواه ابن حبان في ((صحيحه)) بطريق جيد. وفيه: فقعد ◙ وضربت بالدف وهذه الأمة هي سديسة مولاة حفصة كما أفاده ابن طاهر في ((إيضاح الإشكال)).
          ولابن أبي حاتم: ((أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال)) وللترمذي مضعفاً: ((واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف)) وروى الطبري عن السائب بن يزيد: لقي رسول الله جواري يغنين، ويقلن: حيونا نحييكم، فقال: ((لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا: حيانا وحياكم)) فقال رجل: يا رسول الله، ترخص للناس في هذا؟ قال: ((نعم، إنه نكاح لا سفاح)).
          وترجم (خ) للنكاح والوليمة وذكر ما يدل للوليمة فقط، وكأنه قاس النكاح عليها؛ أو أن البناء نكاحاً، وعندنا الضرب به في العرس والختان جائز، العرس نصًّا والختان قياساً، وفي غيرهما وجهان، أصحهما: الجواز وإن كان فيه جلاجل، لإطلاق الأدلة، ومن ادعى أنها لم تكن بجلاجل فعليه الإثبات.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: ما كان المناسبة في ندب الموتى عند النكاح والوليمة وهو مذكر للحزن؟ قلت: لم يكن مذكراً للحزن بل للفرح بقتل الكفار وأنه لم يكن يبدين الموتى، بل ضممن إلى ذلك مدح النبي صلعم والثناء عليه ألا ترى قولهن:
وفينا نبي يعلم ما في غد
فعلم أنهن كن خلطن مع الندبة غيره)).