مجمع البحرين وجواهر الحبرين

بابٌ: {والذين لم يبلغوا الحلم}

          ░124▒ باب قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ} [النور:58]
          فيه حديث ابن عباس سأله رجل: هل شهدت مع رسول الله الحديث، وسلف في الصلاة والعيد.
          وكان ابن عباس في هذا الوقت ممن لم يطلع على عورات النساء، ولذلك قال: ولولا مكاني من الصغر ما شهدته. وكان بلال من البالغين، وقال تعالى: {لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النور:58] فأجرى الذين ملكت أيمانهم مجرى من لم يبلغ الحلم، وأمر بالاستئذان في العورات الثلاث؛ لأن الناس يتكشفون في تلك الأوقات.
          ولم يختلف فقهاء الأمصار أن العيد لا أذان له ولا إقامة، وإنما يقال فيه: الصلاة جامعة.
          واختلف فيمن ابتدع الأذان أولاً له، فقيل: عبد الله بن الزبير، وقيل: معاوية. وقال ابن حبيب: هشام. وقال الداودي: قيل مروان. وقيل: / زياد، ذكره ابن التين.
          قوله: (يُهوين) هو بضم الياء من أهوى، إذا أراد أن يأخذ شيئًا.
          باب طعن الرجل ابنته في الخاصرة
          فيه حديث عائشة: عاتبني أبو بكر... الحديث.
          و(يطعُنني) هو بضم العين؛ لأنه باليد، والطعن بالقول بالفتح، ذكره ابن فارس عن بعضهم، وفي رواية أبي زيد: ((بيديه)).
          وفيه: إكرام المرأة زوجها، وتسمية الولد أباه باسمه، وأدب الرجل ابنته، وأن الرجل الفاضل والصديق الملاطف يجوز أن يسأل صديقه عما يفعله إذا خلا مع أهله، ولا حرج عليه في ذلك.
          وفيه: أن من أصيب بمصيبة لم يعلم بها أنه لا يهجم عليه بالتفزيع بذكرها والتعظيم لها عند تعريفه بها، بل يرفق به في القول، ويعرض له بألطف التعريض؛ لئلا يحدث عليه في نفسه ما هو أشد منها.
          وفيه: أن للأب أن يعاتب ابنته بمحضر زوجها، ويتناولها بضرب وتهديد وغيره، وذلك مباح له. وقد أخرجه في الحدود، في باب: من أدب أهله وغيرهم دون السلطان.
          وحديث الذي أوردناه، وهو سؤال الرجل عما فعله في أهل بيته مستثنى من النهي عنه؛ لأنها حالة بسط وتسلية للمصائب، لا سيما مع الصلاح وانتفاء المظنة وسقط المزاح.
          وحديث الباب دال على إمساك الخاصرة في مثل هذه الحالة، وهو مستثنى من المنع.
          قال والدي ⌂:
          (باب ما يحل).
          قوله: (عمي) أي: أفلح بالفاء واللام، أخو أبي القعيس مصغر القعس بالقاف والمهملتين، تقدم في سورة الأحزاب.
          قوله: (لا تباشر) من المباشرة، وهي المعاشرة والملامسة و(النعت) الوصف، والغرض من الكلام انتفاء النعت لا المباشرة، و(عمر بن حفص) بالمهملتين (ابن غياث) بكسر المعجمة وتخفيف التحتانية، و(ابن طاوس) هو عبد الله الهمداني اليماني.
          قوله: (بمائة امرأة) مر في كتاب الأنبياء: ((سبعين امرأة))، وقال بعضهم: ((تسعين))، وقال (خ): الأصح تسعون ولا منافاة بين الروايات، إذ التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد، و(الملك) أي: جبريل أو جنس الكرام الكاتبين.
          و(أطاف بهن) أي: ألم بهن وقاربهن.
          قوله: (يخونهم) أي: ينسبهم إلى الخيانة و(العثرة) بالمثلثة، الزلة و(محارِب) بكسر الراء، ضد: المصالح (ابن دثار) ضد الشعار و(طروقاً) مصدر بمعنى الطارق، و(الشَّعْبي) بفتح المعجمة وإسكان المهملة، عامر، و(هشيم) مصغر الهشم، و(سيار) ضد الوقاف، و(قفلنا) أي: رجعنا و(قَطوف) بفتح القاف، بطيء المشي.
          و(حديث) أي: جديد التزوج، فإن قلت: كيف طابق السؤال الجواب؟ قلت: لازمه وهو الحداثة مطابق.
          قوله: (أي عشاء) إنما فسره به لئلا يعارض ما تقدم أنه لا يطرق أهله ليلاً مع أن المنافاة منتفية من حيث أن ذلك فيمن جاء بغتة، وأما هنا فقد بلغ خبر مجيئهم وعلم الناس وصولهم، و(الشعِثة) بكسر المهملة، الشعثاء وهي المغبرة الرأس المنتشرة الشعر و(المغيبة) من باب الأفعال هي التي غاب عنها زوجها، و(الاستحداد) استعمال الحديد في شعر العانة وهو إزالته بالموسى، والمراد هنا الإزالة كيف كانت.
          قوله: و(حدثني الثقة) فإن قلت: من القائل بهذا؟ قلت: الظاهر أنه (خ) أو مسدد، فإن قلت: فهذا رواية عن المجهول؟ قلت: إذا ثبت أنه ثقة فلا بأس بعدم العلم باسمه.
          فإن قلت: لم ما صرح بالاسم؟ قلت: لعله نسيه أو لم يحققه.
          أقول: إذا لم يذكره أو لم يحققه كيف يحكم عليه بأنه ثقة، ولا يوصف من لا يعرف.
          و(الكيس) الجماع والعقل، والمراد حثه على ابتغاء الولد، يقال: أكيس الرجل إذا ولد له أولاد أكياس، الخطابي: الكيس يجري هنا مجرى الحذر، وقد يكون بمعنى الرفق وحسن التأني له.
          قوله: (محمد بن الوَليد) بفتح الواو، ابن عبد الحميد، و(عبيد الله) ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، و(وهب) هو ابن كيسان مولى ابن الزبير.
          قوله: (نخس) بالنون والمعجمة والمهملة، و(العنَزة) بفتح النون، عصاً نحو نصف الرمح.
          قوله: (سفيان) أي: ابن عيينة، و(أبو حازم) / بالمهملة والزاي، سلمة مر الحديث في آخر كتاب الوضوء.
          قوله: (أحمد بن محمد) الملقب بمَرْدُويه _بفتح الميم وإسكان الراء وضم المهملة وبالتحتانية_ السمسمار المروزي، و(عبد الرحمن بن عابِس) بالمهملتين وكسر الموحدة، النخعي الكوفي.
          قوله: (لولا مكاني) أي: لولا منزلتي عند رسول الله صلعم، ومقداري لديه لما شهدت لصغري. وله وجهان آخران تقدما في آخر كتاب الصلاة.
          و(يهوين) من الإهواء؛ أي: يقصدن.
          قوله: (يطعنني) بالضم، سبق الحديث في أول التيمم. فإن قلت: الحديث كيف يدل على الجزء الأول من الترجمة وهو قول الرجل لصاحبه هل أعرستم الليلة؟ قلت: هذا مفقود في أكثر النسخ، وعلى تقدير وجودها فوجهه أن (خ) يترجم ولا يذكر حديثاً يناسبه إشعاراً بأنه لم يجد حديثاً بشرطه يدل عليه.
          وقال شارح التراجم: أما الترجمة الأولى فحقها أن يذكر لها ما يطابقها، وهو حديث أبي طلحة لما مات ابنه، وقد يجاب بأنه لما كانت من الجانبين ممنوعة في غير الحالة التي ورد فيها كان ذلك جامعاً بينهما، فإن طعن الخاصرة لا يجوز إلا مخصوصاً بحالة العتاب، وكذلك سؤال الرجل عن الجماع لا يجوز إلا في مثل حالة أبي طلحة في تسليته عن مصيبته وبشارته بغير ذلك.
          الزركشي:
          (لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها) بالرفع على العطف على المرفوع قبله، وهو خبر بمعنى النهي.
          (لأطيفن الليلة) ويروى: ((لأطوفن)) يقال: طاف، يطيف ويطوف، وحكى السفاقسي: أن في رواية: ((لأطوفن)) على ألف امرأة.
          (مخافة أن يخونهم) بتشديد الواو تفتح وتكسر وبالميم في آخره، والصواب: بالنون، وكذا عثراتهم.
          (أن يأتي الرجل أهله طروقًا) بضم الطاء؛ أي: ليلًا، وكل آت بالليل فهو طارق.
          (الكيس الكيس) منصوبان على الإغراء، وقيل: على التحذير من العجز عن الجماع، وهو راجع إلى الإغراء لتضمنه الحث على الجماع. انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (طروقاً) أي: ليلاً، وكل آت بالليل طارق، وقيل: أصل الطروق من الطروق وهو الدق، وسمي الآتي بالليل طارقاً لحاجته إلى دق الباب بخلاف الآتي نهاراً، فإنه ربما لا يحتاج إلى طرق باب ما من الأبواب تعلق بالليل دون النهار.
          قوله: ({وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ}) [النور:31].
          قوله: (كانت فاطمة تغسل الدم عن وجهه وعلي يأتي بالماء) فإن قلت: ما وجه مناسبة هذا الحديث بالتبويب؟ قلت: وجه المناسبة أن فاطمة ♦ ما أبدت زينتها حين الغسل إلا لبعلها وأبيها.
          قوله: (لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها) قال الخطابي: يستدل بهذا على جواز السلم في الوضوء؛ لأن ضبطها يمكن بالصفة كما يقع بالعيان.