مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من قال لا رضاع بعد حولين

          ░21▒ باب من قال: لا رضاع بعد حولين
          فيه حديث عائشة أنه ◙ دخل عليها وعندها رجل، الحديث وسلف في آخر باب: الأكفاء في الدين وهو واضح فيما ترجم له.
          وأخذ أيضاً منه أن المصة تحرم وهو قول مالك، واعتبر الشافعي خمس رضعات متفرقات، وحكي عن إسحاق أيضاً وقيل: عشر، وقيل: سبع، وحجة الجمهور على ما ذكره في الآية ظاهر، أعني: في اعتبار الحولين فعلم أن ما بعدهما ليس برضاع، إذ لو كان ما بعده رضاعاً لم يكن كمال الرضاع حولين، ويشهد له قوله ◙: ((إنما الرضاعة من المجاعة)) / وهذا المعنى لا يقع برضاع الكبير.
          قوله: (انظرن من إخوانكن) أي: حققوا صحة الرضاعة ووقتها فإن الحرمة إنما تثبت إذا وقعت على شرطها وفي وقتها.
          قال المهلب: أي: ما سبب أخوته؟ فإن حرمة الرضاع إنما هو في الصغر حتى يشب، الرضاعة من المجاعة لا حين يكون الغذاء بغير الرضاع في حال الكبر.
          قال ابن المنذر: والذي يعتمد في تلك الآية السالفة وليس لما بعد التمام حكم.
          واختلف في مقدار الرضاع الذي تثبت به الحرمة، كما سلف.
          قال ابن المنذر: قالت طائفة: يحرم قليله وكثيره، وهو قول علي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس، وروي عن سعيد بن المسيب والحسن وعطاء ومكحول وطاوس والحكم، وهو قول مالك والليث والأوزاعي والثوري والكوفيين لإطلاق الآية، وقالت طائفة: إنما يحرم ثلاث، روي عن عائشة وابن الزبير، وبه قال أحمد، وأبو ثور وأبو عبيد، وقالت طائفة: لا يقع التحريم إلا بخمس مفترقات؛ احتجاجاً بقول عائشة: كان فيما نزل في القرآن: ((عشر رضعات يحرمن)) ثم نسخت بخمس معلومات، فتوفي رسول الله وهن فيما نقرأ في القرآن؛ أي: حكماً وروي عنها أيضاً أنه لا يحرم إلا بسبع، وروي: بعشر، أمرت أختها أم كلثوم أن ترضع سالم بن عبد الله عشر رضعات ليدخل عليها، وروي مثله عن حفصة أم المؤمنين.
          وقيل: إن أحاديثها في الرضاع اضطربت فوجب تركها والرجوع إلى الإطلاق، نقله ابن بطال عن العلماء.