مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد؟

          ░29▒ باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد
          فيه حديث ابن فضيل عن هشام عن أبيه قال كانت خولة الحديث وتقدم في سورة الأحزاب.
          وأبو سعيد هذا هو محمد بن مسلم بن أبي الوضاح، المثنى الجزري، روى عنه: أبو النضر هاشم، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي، وجماعة، انفرد به (م) عن (خ)، وروى له أيضاً (ت)، وكان مؤدب موسى الهادي(1)، ومات ببغداد في خلافته، وكانت في المحرم سنة تسع وستين إلى ربيع الأول سنة سبعين.
          قال ابن معين: ثقة، وقال ابن نمير: صالح لا بأس به، وقيل دفن أبو سعيد في مقابر الخيزران، قال ابن القاسم، عن مالك: الموهوبة خاصة لرسول الله لا يحل لأحد بعده أن يتزوج بغير صداق واختلف في عقد النكاح هل يصح بلفظ الهبة، مثل أن يقول: وهبت لك ابنتي، ويسمي صداقاً أو لم يسم. وهو يريد بذلك النكاح فقال ابن القاسم: هو عندي جائز كالبيع عند مالك، وقال ابن المواز: لم يختلف مالك وأصحابه إذا تزوج على الهبة أنه يفسخ البناء. واختلفوا إذا دخل بها، فقال ابن القاسم وعبد الملك: لا يفسخ، ولها صداق المثل. وبهذا قال أبو حنيفة والثوري، وقال أشهب وابن عبد الحكم وابن وهب وأصبغ: إنه يفسخ، وإن دخل بها. قال أصبغ: لأن فساده في البضع، وبهذا قال الشافعي قال: لا يصح النكاح بلفظ الهبة، ولا يصح عنده إلا بأحد لفظين: التزويج أو الإنكاح.
          وهو قول المغيرة وابن دينار وأبي ثور، ووجهه أن الله تعالى جعل انعقاد النكاح بها خاصًّا لنبيه، فلو انعقد نكاح به لم يقع الخصوص. ولما أجمعوا أنه لا ينعقد هبة بلفظ نكاح، كذلك لا ينعقد نكاح بلفظ هبة.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: وهو يلقب بموسى أطبق؛ لأنه كان يفتح فاه كثيراً فوكل به خادم كلما فتح فاه يقول له: يا موسى أطبق فلزمه ذلك)).