مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من أحب البناء قبل الغزو

          ░58▒ باب من أحب البناء قبل الغزو
          فيه حديث أبي هريرة عن النبي صلعم قال: ((غزا نبي)).. الحديث، / وسلف في الخمس.
          فيه وجوب استثبات البصائر في الغزو، والحض على جمع الكلمة والثبات؛ لأن الكلمة إذا اجتمعت واختلفت النيات كان ذريعة إلى اختلاف ذات البين، وقد جعل الله الخذلان في الاختلاف، وجعل الاعتصام في الجماعة، فقال: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران:103] فلما كان قلب الرجل معلقاً بابتنائه بأهله أو ببنيان يخاف فساده قبل تمامه، أو يحب الرجوع إليه، لم يوثق بثباته عند الحرب، فقطعت الذريعة في ذلك.
          قال والدي ⌂:
          (باب ضرب الدف) بفتح الدال وضمها.
          قوله: (بشر) بالموحدة المكسورة وبالمعجمة (ابن المفضل) بفتح المعجمة المشددة، و(خالد بن ذكوان) أبو الحسن المدني، و(الربيع) مصغر ضد الخريف (بنت معوذ) بلفظ فاعل التعويذ بالمهملة والواو والمعجمة (عفراء) مؤنث الأعفر بالمهملة والفاء والراء الأنصارية، و(بنى) بصيغة المجهول أي: حين صرت عروساً، و(مجلسك) بفتح اللام أي: جلوسك وفي بعضها بكسر اللام.
          فإن قلت: كيف صح هذا؟ قلت: أما أنه جلس من وراء الحجاب أو كان قبل نزول آية الحجاب أو حار النظر لحاجة أو عند الأمن من الفتنة.
          و(يندبن) بضم الدال من الندب وهو تعديد محاسن الميت والبكاء عليه وقتل معوذ وأخوه عوف يوم بدر شهيدين، و(دعي) أي: اتركي هذا القول لأن مفاتح الغيب عند الله لا يعلمها إلا هو واشتغلي بالإشعار التي تتعلق بالمغازي والشجاعة ونحوها.
          قوله: (سليمان بن حرب) ضد الصلح، و(عبد العزيز) ابن صهيب بضم المهملة، و(النواة) مقدار خمسة دراهم.
          قوله: (بغير صداق) فإن قلت: القرآن أي تعليمه صداق فكيف قال بغير صداق وهل هو إلا منافاة؟ قلت: غرضه صداق مالي.
          قوله: (فر) بالراء المجردة، وفي بعضها: [فـ]ـرأ بهمزة بعد الراء وهذا هو المرة الثامنة من ذكر هذا الحديث في كتاب النكاح، و(يحيى) إما ابن جعفر وإما ابن موسى، و(وكيع) بفتح الواو وبالمهملة. قال الخطابي: قد تختلف الشروط في عقد النكاح فمنها ما يجب الوفاء به كحسن العشرة، ومنها ما لا يلزم كسؤال طلاق أختها، ومنها ما هو مختلف فيه مثل أن لا يتزوج عليها، وقد قال عمر: المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً.
          و(المسور) بكسر الميم وإسكان المهملة وفتح الواو وبالراء (ابن مخرمة) بفتح الميم والراء وتسكين المعجمة، و(صهرا) أي: ختناً، و(أحسن) أي: في الثناء عليه، و(وفى لي) وفي بعضها: وفاني وهو أبو العاص بن الربيع زوج بنت رسول الله صلعم زينب أسر يوم بدر فمن عليه بغير فداء، وكان قد أبى أن يطلقها إذ مشى المشركون إليه في ذلك وردها إلى رسول الله صلعم حين طلبها منه وأسلم قبل الفتح.
          قوله: (يزيد) من الزيادة (ابن أبي حبيب) ضد العدو، و(أبو الخير) ضد: الشر مرثد بفتح الميم والمثلثة وإسكان الراء وبالمهملة.
          و(عقبة) بضم المهملة وسكون القاف ابن عامر، و(ما استحللتم به) أي: أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح؛ لأن أمره أحوط وبابه أضيق.
          قوله: (زكريا) هو ابن أبي زائدة، و(أختها) أي: ضرتها لأنها أختها في الدين ومعناه نهى المرأة أن تسأل الرجل طلاق زوجته لينكحها ويصير لها من النفقة ما كان للمطلقة فعبر عن ذلك باستفراغ الصحفة مجازاً مر في كتاب الشروط.
          قوله: (رواه) فإن قلت: ما فائدة هذا القول وقد روى الحديث مسنداً عن عبد الرحمن / بما يدل عليه؟ قلت: الحديث من مرويات أنس عن النبي صلعم وهذا فيه عبد الرحمن عن النبي صلعم فبينهما تفاوت.
          قوله: (كم سقت إليها) أي: كم أعطيت صداقها، و(خبزا) بالموحدة والزاي، و(كما يصنع) أي: خرج كما هو عادته إذا تزوج بجديدة أنه يأتي الحجرات ويدعو لهن.
          قوله: (يدعون) هو لفظ مشترك بين جمع المؤنث وجمع المذكر وأخبر بلفظ المجهول.
          قوله: (يهدين) من الهداية، وفي بعضها من الإهداء وهو تجهيز العروس وتسليمها إلى الزوج، و(فروة) بفتح الفاء وسكون الراء وبالواو، ابن أبي المغراء بفتح الميم وإسكان المعجمة وبالراء وبالمد، و(علي بن مسهر) بفاعل الإسهار بالمهملة والراء.
          قوله: (طائر) كناية عن الفأل وطائر الإنسان عمله الذي قلده.
          فإن قلت: الحديث يدل على عكس الترجمة؛ لأن النسوة هن الداعيات لا المدعو لهن؟ قلت: الأمُّ هي الهادية للعروس المجهزة لأمرها فهن دعون لها ولمن معها وللعروس حيث قلن على الخير أي حييتن على الخير أو قدمتن ونحوه.
          فإن قلت: لم لا تكون اللام في النسوة للاختصاص يعني الدعاء المختص بالنسوة الهاديات للغير؟ قلت: يلزم المخالفة بين اللامين اللام التي في العروس؛ لأنها بمعنى المدعو لها والتي في النسوة؛ لأنها بمعنى الداعية، وفي جواز مثله خلاف.
          قوله: (معمر) بفتح الميمين، و(لا يتبعني) بلفظ نهر العاص، و(يبنى بها) أي: يدخل عليها، والحديث يرد على الجوهري حيث قال: يقال بنى فلان على أهله؛ أي: زفها والعامة تقول بنى بأهله وهو خطأ قال: وكان الأصل فيه أن الداخل بأهله يضرب عليها قبة ليلة الدخول فقيل لكل داخل بأهله بان هذا، واعلم أنه ذكر في بعض النسخ تمام الحديث وهو ولا أحد قد بنى بنياناً ولما يرفع سقفها ولا آخر قد اشترى غنماً أو خلفات وهو ينتظر ولادها فغزا فدنا إلى القرية حين صلى العصر أو قريب من ذلك فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي شيئاً فحبست عليه حتى فتح الله عليه فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن تطعمه فقال: فيكم الغلول فليبايعني من كل قبيلة منكم رجل فبايعه فلصقت يده بيد رجلين أو ثلاثة فقال فيكم الغلول أنتم غللتم فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب فوضعوها في المال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا، ومر في كتاب الجهاد في باب الخمس(1).
          قال القاضي: اختلف في حبس الشمس فقيل هو الوقف وقيل: إبطاء الحركة وقيل: هو الرد على أدراجها وقد يقال الذي حبست عليه يوشع بن نون، وقد روي أنها حبست أيضاً لرسول الله صلعم مرتين أول صبيحة الإسراء وآخر يوم الخندق.
          الزركشي:
          قوله: (بشاشة العروس) بموحدة ثم شين معجمة، ويروى: ((شيئا يشبه العروس)).
          (فرأى فيها) بهمزة ساكنة، ويروى: ((فر)) بالحذف.
          (على خير طائر) وهو على جهة التفاؤل الحسن، وليس من قبيل الطيرة المنهي عنها.
          انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (خبزاً) أي: أغناهم وفي رواية: خبزاً ولحماً.
          قوله: (يذهب) الظاهر أن يقال لزينب لأنها مولمة لها لأنها والمولم به هو الخبز واللحم.
          قوله: (نسوة من الأنصار في البيت) اسم واحدة منهن مغنية عائشة ♦.
          قوله: (غزا نبي) قيل: هو يوشع بن نون، والمدينة التي كان يريد فتحها أريحاء.
          قوله: (أبو صفرة) الصحيح في معنى هذا الحديث أنه تعلق به أثر من الزعفران وغيره من طيب العروس، ولم يقصده عبد الرحمن ولم يتعمد التزعفر فقد ثبت في ((الصحيح)) النهي عن التزعفر للرجال؛ لأنه من شعار النساء.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: فإن قلت: ما الفائدة في خطابه للشمس حيث يعلم أنها مأمورة وقد قال بعد ذلك اللهم احبسها قلت: خاطبها وذكرها ذلك يعني إني أن أسأل آمرك وهو الله تعالى، وهو آمري بالغزاة أن يحبسك حتى أفتح البلد.
فإن قلت: ما الحكمة في أكل النار الغنائم وهو تضيع المال؟ قلت: والله أعلم لئلا يشتغلوا بالمال وهو متاع الدنيا وكانوا في غيبة عن ذلك ويوضح هذا قوله رأى ضعفنا فأحلها لنا فتأمله فإنه حسن لم أر أحداً تعرض له)).