مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب هجرة النبي نساءه في غير بيوتهن

          ░92▒ باب هجرة النبي صلعم نساءه في غير بيوتهن
          ويذكر عن معاوية... إلى آخره.
          ثم ساق حديث أم سلمة في إيلائه شهراً، وكذا حديث ابن عباس السالف قريباً، لكنه ذكره هنا مختصراً وأن أبا يعفور قال: تذاكرنا... إلى آخره، أبو يعفور هذا هو الصغير، واسمه: عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، والكبير واقد، ولقبه وقدان. سمع عبد الله بن [أبي] أوفى، ومصعب بن سعد بن أبي وقاص.
          وحديث معاوية بن حيدة هذا أخرجه (د) (ن) والحاكم وقال: صحيح الإسناد. وقال أبو قرة: أخبرني ابن جريج: أسنده عن رجل من بني قشير، عن أبيه أنه سأل رسول الله: ما حق امرأتي؟ قال: ((تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت)).
          وقول (خ): والأول أصح يعني: حديث أنس: آلا من نسائه شهراً.
          واعترض الإسماعيلي فقال: لم يصح لي دخول حديث أم سلمة في الباب، ولا تفسير الآية التي ذكرها في الباب قبله وهو عجيب.
          وما أشار إليه (خ) من أن الهجران لا يكون إلا في غير بيوت الزوجات؛ من أجل ما فعله الشارع؛ لأنه انفرد عنهن في وقت الهجران في مشربة، واعتزل بيوتهن، وكأنه أراد (خ) أن يستن الناس به في هجران نسائهم، لما فيه من الرفق؛ لأن هجرانهن مع الكون في بيوتهن آلم لأنفسهن وأوجع لقلوبهن، لما ينظرن من العتاب والغضب والإعراض، ولما في غيبة الرجل عن أعينهن من تسليتهن عن الرجال وهذا الذي أشار إليه [ليس] بواجب؛ لأن الله تعالى قد أمر بهجرانهن في المضاجع فضلاً عن البيوت، وما أوردناه هو ما ذكره المهلب.
          وقال غيره: إنما اعتزلن في غير بيوتهن؛ لأنه أنكى لهن، وأبلغ في عقوبتهن.
          وروى ابن وهب، عن مالك فقال: بلغني أن عمر بن عبد العزيز كان له نساء فكان يغاضب بعضهن، فإذا كانت ليلتها جاء فبات عندها، ولم يبت عند غيرها، وكان يفترش في حجرتها فيبيت فيها وتبيت هي في بيتها. قلت لمالك: وذلك له واسع؟ فقال: نعم، وذلك في كتاب الله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء:34]. وقال ابن عباس: أن يكون الرجل وامرأته في فراش واحد ولا يجامعها.
          وقال السدي: هجرها في المضجع: أن يرقد معها ويوليها ظهره ويطأها ولا يكلمها.
          وقال ابن عباس نحوه، قال: يهجرها بلسانه، ويغلظ لها بالقول، ولا يدع جماعها. ذكره الطبري، فيكون معنى الآية على هذا التأويل: قولوا لهن من القول هجراً في تركهن مضاجعتكم.
          قوله: (فخرجت إلى المسجد فإذا هو ملآن) كذا هو في الأصول بالنون، قال ابن التين عند أبي الحسن: ملأ. وعند غيره: ملآن. وهو الصحيح، وإنما ملأ نعت للمؤنث، فإن لم يكن أراد البقعة فيصح ذلك.