مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب كفران العشير

          ░88▒ باب كفران العشير
          فيه عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلعم. وسلف في الحيض.
          ثم ساق حديث ابن عباس في الخسوف.
          وفيه: (يكفرن العشير) وسلف في بابه، وبعضه في الإيمان.
          ثم ساق حديث أبي رجاء، عن عمران، عن النبي صلعم قال: ((اطلعت في الجنة)) الحديث وهو بمعنى حديث أسامة السالف قريباً، وذكره في صفة الجنة، والرقاق. وأخرجه (م) (ت) (ن).
          وأبو رجاء اسمه عمران بن ملحان، جاهلي أسلم يوم الفتح، وكان عالماً، عاملاً، معمراً، نبيلاً، من القراء، وعاش مائة وعشرين سنة، وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز، وشيخ (خ) عثمان بن الهيثم هو أبو عمرو، وجده جهم بن عيسى بن حسان بن المنذر العبدي، بصري، مؤذن بجامعها، مات سنة عشرين ومائتين، روى له (خ) وحده.
          وسمي الزوج عشيراً؛ لأنه يعاشرهن، كما سمي خليلاً؛ لأنه يخاللها في موضع واحد، وإنما استحقين النار بكفرهن العشير؛ من أجل أنهن يكفرن ذلك الدهر كله، ألا ترى أنه ◙ قد فسره فقال: ((لو أحسنت إلى إحداهن الدهر)) لجازت ذلك بالكفران الدهر كله، فغلب استيلاء الكفران على دهرها، فكأنها مصرة أبداً على الكفر، والإصرار من أكبر أسباب النار.
          وفيه: تعظيم حقه عليها، وإنما يجب عليها شكره والاعتراف بفضله؛ بستره لها وصيانتها وقيامه بمؤنتها وبذله نفسه في ذلك؛ ومن أجل هذا فضل الله الرجال على النساء فقال في غير موضع من كتابه فقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} [النساء:34] الآية. وقال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228].
          وقد أمر ◙ من أسديت إليه نعمة أن يشكرها، فكيف نعم الزوج التي لا تنفك / المرأة منها دهرها كله، وشكر المنعم واجب؛ لقوله ◙: ((من أسديت إليه نعمة فليشكرها)) وقال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان:14] فقرن تعالى شكره بشكر الآباء.
          وفيه: أن الكسوف والزلازل والآيات الحادثة إنما هي كما قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [الإسراء:59] وأمره ◙ عند رؤيتها بالفزع إلى الصلاة دال على أنها تصرف النقم وتعصم من المحن؛ إذ هي أفضل الأعمال.
          قوله: (رأيناك يا رسول الله تكعكعت) أي: رجعت(1) وراءك، وأصله من كع الرجل إذا جبن وانقبض على الشيء، وكاع مثله. وقال ابن دريد: لا يقال: كاع عن الأمر، وإن كانت العامة تقوله.
          قال والدي ⌂:
          (باب موعظة الرجل).
          قوله: (أبو اليمان) بفتح التحتانية وخفة الميم والنون اسمه الحكم بفتحتين، و(عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور) بلفظ الحيوان المشهور النوفلي، و(عدلت معه) أي عن طريق مستصحباً بمطهرة الماء، و(تبرز) أي: ذهب إلى البراز لقضاء الحاجة، و(أمية) بضم الهمزة وتخفيف الميم وتشديد التحتانية، و(عوالي المدينة) القرى التي بأعلاها على أربعة أميال وأكثر وأقل، و(معشر) منصوب على الاختصاص، و(صخبت) بكسر المعجمة الصخب وهو من الصياح وفي بعضها: صحت من الصياح، و(جمعت ثيابي علي) أي: تهيأت مشمرا عن ساق الجد.
          و(بدا لك) أي ظهر وسنح لك من الحاجات، و(جارتك) أي: ضرتك (أوضأ) أي أحسن، و(غسان) بفتح المعجمة وشدة المهملة ملك من ملوك الشام، و(تنعل الخيل) أي: تستعد لقتالنا، و(عبيد) مصغر ضد الحر ابن حنين مصغر الحن بالمهملة والنون المشددة مولى زيد بن الخطاب العدوي، و(هذا) أي: التطليق أو الاعتزال على الروايتين، و(مشربته) بفتح الميم وإسكان المعجمة وفتح الراء وضمها أي: غرفته، و(الرمال) بضم الراء وخفة الميم بمعنى الترميل فعيل بمعنى المفعول فهو كالعجاب بمعنى العجيب وبكسر الراء جمع الرمل وهو المنسوج ويقال رملت الحصير أي: نسجته، و(الأدم) بفتحتين جمع الأديم، و(استأنس) أي: استأذن الجلوس عند رسول الله صلعم والمحادثة معه وأتوقع عوده إلى الرضا وزوال غضبه، و(الأهب) قال الجوهري: الإهاب الجلد ما لم يدبغ والجمع: أهب بالمفتوحتين على غير قياس وقيل: بالضم وهو القياس.
          قوله: (أو في هذا أنت) الهمزة للاستفهام والواو للعطف على مقدر بعد الهمزة أي أنت في مقام استعظام التجملات الدنيوية واستعجالها، وذلك الحديث إشارة إلى ما روي أنه صلعم خلا بمارية بكسر الراء وخفة التحتانية القبطية في يوم عائشة وعلمت به حفصة فأفشته حفصة إلى عائشة و(الموجدة) بفتح الميم وكسر الجيم الحزن، و(عاتبه الله) بقوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} [التحريم:1] وذلك لأنه صلعم قال لحفصة: ((لا أعود إليها فاكتمي علي فاني حرمتها على نفسي)).
          و(آية التخيير) هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأحزاب:28] الآية مر الحديث في كتاب المظالم في باب الغرفة.
          وفيه جواز احتجاب الإمام في بعض الأوقات لحاجتهم إليه وأن الحاجب إذا علم منع الإذن بسكوت المحجوب لم يأذن ووجوب الاستئذان وتكراره وتأديب الرجل ولده والتقلل من الدنيا والزهادة فيها والحرص على طلب العلم وقبول خبر الواحد وأخذ العلم عن المفضول وأن الإنسان إذا رأى صاحبه مهموماً يزيل غمه وتوقير الكبار وخدمتهم والخطاب بالألفاظ الجميلة حيث قال جارتك ولم يقل ضرتك وقرع الباب للاستئذان ونظر الإنسان إلى نواحي بيت صاحبه إذا علم عدم كراهته لذلك وهجران الزوج / عن زوجته.
          قوله: (محمد بن مقاتل) بالقاف وكسر الفوقانية، و(معمر) بفتح الميمين، و(همام بن منبه) بصيغة فاعل التنبيه.
          قوله: (شاهد) أي مقيم في البلد إذ لو كان مسافراً فلها الصوم لأنه لا يأتي منه الاستمتاع بها وهذا في صوم النفل وقضاء الواجب الموسع قال أصحابنا النهي للتحريم.
          قوله: (محمد بن بشار) بالموحدة وبالمعجمة. قال الغساني: وفي بعضها محمد بن سنان بالمهملة وبالنونين قال وهو خطأ، و(ابن أبي عدي) بفتح المهملة وكسر الثانية محمد، و(سليمان) أي الأعمش، و(أبو حازم) بالمهملة والزاي سليمان الأشجعي، و(محمد بن عرعرة) بفتح المهملتين وسكون الراء الأولى، و(زرارة) بضم الزاي وبالراء مكررة ابن أوفى بالواو والفاء مقصوراً العامري، و(الشطر) النصف وذلك في طعام البيت الذي للنفقة فإن النصف غالبا يأكله الزوج والنصف الزوجة فإذا أنفقت الكل غرمت النصف للزوج.
          الخطابي: أما الصوم فإنما هو في التطوع دون فرض رمضان فإذا كان ذلك قضاءً للفائت من رمضان فإنها تستأذنه أيضاً فيه ما بين شوال إلى شعبان لأنه يصير مضيقاً، وهذا على أن حق الزوج محصور الوقت فإذا اجتمع مع سائر الحقوق التي تدخلها المهلة كالحج قدم عليها.
          وأما الإنفاق فكل ما أنفقت على نفسها من ماله بغير إذنه ففوق ما يجب لها من القوت بالمعروف غرمت شطره يعني: قدر الزيادة على الواجب لها، وأما ما روى (خ) أعني: حديثاً آخر يخالف معناه وهو أنه قال: إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فله نصف أجره، فهو إنما يتأول على أن تكون المرأة قد خلطت الصدقة من ماله بالنفقة المستحقة لها حتى كانتا شطرين.
          قوله: (أبو الزناد) بالنون هو عبد الله بن ذكوان، و(موسى) لم يتحقق لي نسبه وقيل: هو ابن أبي عثمان التبان بفتح الفوقانية وشدة الموحدة وبالنون، و(تابعه في الصوم فقط) أي: لم يرو الإذن والإنفاق.
          قوله: (التيمي) بفتح الفوقانية وإسكان التحتانية سليمان، و(أبو عثمان) هو عبد الرحمن النهدي بفتح النون وتسكين الهاء وبالمهملة، و(أسامة) هو ابن زيد حب رسول الله صلعم، و(الجد) بفتح الجيم الغنى وهم محبوسون على باب الجنة أو على الأعراف.
          قوله: (كفران) هو ضد الشكر، و(العشير) بمعنى المعاشر وهو المخالط وإنما قال (وفيه) أي: في هذا المعنى، روي عن أبي سعيد كما تقدم في باب ترك الحائض الصوم.
          و(زيد بن أسلم) بلفظ [أ]فعل الماضي، و(عطاء بن يسار) ضد: اليمين، و(تكعكعت) بالمهملتين أي: تأخرت ومر الحديث مراراً.
          قوله: (عثمان بن الهيثم) بفتح الهاء وإسكان التحتانية وفتح المثلثة البصري، و(عوف) بفتح المهملة وتسكين الواو وبالفاء الأعرابي، و(أبو رجاء) ضد الخوف اسمه عمران العطاردي، وأما عمران شيخه فهو ابن حصين(2) بضم المهملة الأولى الخزاعي.
          وفيه: فضيلة الفقراء وأن الجنة مخلوقة.
          و(أيوب) أي: السختياني، و(سلمة) بفتح المهملة وإسكان اللام (ابن زرير) بفتح الزاي وكسر الراء الأولى البصري وهما يرويان عن أبي رجاء.
          الزركشي:
          (فإذا عامة من دخلها المساكين) ((إذا)) هنا للمفاجأة، وهي ظرف مكان، والجيد رفع ((المساكين)) على أنه خبر ((عامة)).
          (أصحاب الجد) بفتح الجيم الحظ والمال.
          (محبوسون) أي: ممنوعون عن دخول الجنة موقوفون للحساب، أو حتى يدخلها الفقراء، وعند القابسي محترسون بفتح المثناة والراء اسم مفعول من احترس؛ أي: أنهم معهم حرس تحفظهم، وارتفع محبوسون على أنه الخبر، و((إذا)) ظرف للخبر، ويجوز نصبه على الحال، ويجعل ((إذا)) خبرا، والتقدير: فبالحضرة أصحاب الجد.
          انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (كنت وجار لي) اسمه أوس بن خولي وقيل: عتبان بن مالك الأنصاري.
          قوله: (أن غسان تنعل) هو حي من قحطان، وفي رواية أن ملك غسان واسمه: الحارث بن أبي شمر وقيل جبلة بن الأيهم.
          قوله: (وأصحاب الجد محبوسون) هم أصحاب البخوت والحظوظ الدنيوية بالمال والجاه ويحتمل أن يريد الملوك المعظمين من قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن:3] أي: سلطانه وعظمته قال ابن عباس: يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها مكشرة مشوه خلقها تشرف على الخلائق يوم القيامة فيقال: تعرفون هذه فيقولون: نعوذ بالله / من معرفتها فيقال: هذه التي تناحرتم عليها وتقاطعتم الأرحام وبها تناغضتم واغتررتم ثم تقذف في جهنم فتنادي أي رب أين أتباعي وأشياعي فيقول الله ألحقوا بها أتباعها وأشياعها.


[1] في المخطوط: ((ركعت)) ولعل الصواب ما أثبتناه.
[2] في المخطوط: ((حسين)) ولعل الصواب ما أثبتناه.