-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
حديث: ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى
-
حديث: كانَ المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون
-
باب الأذان مثنى مثنى
-
باب الإقامة واحدة إلا قوله: قد قامت الصلاة
-
باب فضل التأذين
-
باب رفع الصوت بالنداء
-
باب ما يحقن بالأذان من الدماء
-
باب ما يقول إذا سمع المنادي
-
باب الدعاء عند النداء
-
باب الاستهام في الأذان
-
باب الكلام في الأذان
-
باب أذان الأعمى إذا كانَ له من يخبره
-
باب الأذان بعد الفجر
-
باب الأذان قبل الفجر
-
باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة
-
باب من انتظر الإقامة
-
باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء
-
باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد
-
باب الأذان للمسافر إذا كانَوا جماعة والإقامة
-
باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا؟وهل يلتفت في الأذان؟
-
باب قول الرجل فاتتنا الصلاة
-
باب: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
-
باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة
-
باب: هل يخرج من المسجد لعلة؟
-
باب: إذا قال الإمام: مكانَكم حتى إذا رجع انتظروه
-
باب قول الرجل: ما صلينا
-
باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة
-
باب الكلام إذا أقيمت الصلاة
-
باب وجوب صلاة الجماعة
-
باب فضل صلاة الجماعة
-
باب فضل صلاة الفجر في جماعة
-
باب فضل التهجير إلى الظهر
-
باب احتساب الآثار
-
باب فضل صلاة العشاء في الجماعة
-
باب اثنان فما فوقهما جماعة
-
باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد
-
باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح
-
باب: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
-
باب حد المريض أن يشهد الجماعة
-
باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلى في رحله
-
بابٌ: هل يصلي الإمام بمن حضر؟
-
باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة
-
باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل
-
باب من كانَ في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج
-
باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي
-
باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة
-
باب من قام إلى جنب الإمام لعلة
-
باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول
-
باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم
-
باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم
-
باب إنما جعل الإمام ليؤتم به
-
باب متى يسجد من خلف الإمام
-
باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام
-
باب إمامة العبد والمولى
-
باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه
-
باب إمامة المفتون والمبتدع
-
باب: يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً إذا كانَا اثنين
-
باب: إذا طول الإمام وكانَ للرجل حاجة فخرج فصلى
-
باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود
-
باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء
-
باب من شكا إمامه إذا طول
-
باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي
-
باب: إذا صلى ثم أم قومًا
-
باب من أسمع الناس تكبير الإمام
-
باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟
-
باب: إذا بكى الإمام في الصلاة
-
باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها
-
باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف
-
باب الصف الأول
-
باب إقامة الصف من تمام الصلاة
-
باب إثم من لم يتم الصفوف
-
باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف
-
باب: إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه
-
باب المرأة وحدها تكون صفًا
-
باب ميمنة المسجد والإمام
-
باب إذا كانَ بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة
-
باب صلاة الليل
-
باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة
-
باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء
-
باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع
-
باب: إلى أين يرفع يديه؟
-
باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين
-
باب وضع اليمنى على اليسرى
-
باب الخشوع في الصلاة
-
باب ما يقول بعد التكبير
-
باب
-
باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة
-
باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة
-
باب الالتفات في الصلاة
-
باب: هل يلتفت لأمر ينزل به أو يرى شيئًا أو بصاقًا في القبلة
-
باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها
-
باب القراءة في الظهر
-
باب القراءة في العصر
-
باب القراءة في المغرب
-
باب الجهر في المغرب
-
باب الجهر في العشاء
-
باب القراءة في العشاء بالسجدة
-
باب القراءة في العشاء
-
باب يطول في الأوليين ويحذف في الأخريين
-
باب القراءة في الفجر
-
باب الجهر بقراءة صلاة الفجر
-
باب الجمع بين السورتين في الركعة
-
باب: يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب
-
باب فضل التأمين
-
باب جهر المأموم بالتأمين
-
باب: إذا ركع دون الصف
-
باب إتمام التكبير في الركوع
-
باب إتمام التكبير في السجود
-
باب إذا لم يتم الركوع
-
باب استواء الظهر في الركوع
-
باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه والاطمأنينة
-
باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة
-
باب الدعاء في الركوع
-
باب: القراءة فِي الركوع والسجود
-
باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع
-
باب فضل اللهم ربنا لك الحمد
-
باب
-
باب الاطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع
-
باب: يهوي بالتكبير حين يسجد
-
باب فضل السجود
-
باب: يبدى ضبعيه ويجافى في السجود
-
باب يستقبل بأطراف رجليه القبلة
-
باب إذا لم يتم السجود.
-
باب السجود على سبعة أعظم
-
باب السجود على الأنف والسجود على الطين
-
باب عقد الثياب وشدها
-
باب التسبيح والدعاء في السجود
-
باب المكث بين السجدتين
-
باب: لا يفترش ذراعيه في السجود
-
باب: من استوى قاعدًا في وتر من صلاته ثم نهض
-
باب: كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة
-
باب: يكبر وهو ينهض من السجدتين
-
باب سنة الجلوس في التشهد
-
باب من لم ير التشهد الأول واجبًا لأن النبي قام من الركعتين
-
باب التشهد في الأولى
-
باب الدعاء قبل السلام
-
باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى
-
باب التسليم
-
باب: يسلم حين يسلم الإمام
-
باب من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة
-
باب الذكر بعد الصلاة
-
باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم
-
باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام
-
باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم
-
باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال
-
باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث
-
باب وضوء الصبيان
-
باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس
-
باب صلاة النساء خلف الرجال
-
باب انتظار الناس قيام الإمام العالم
-
باب سرعة انصراف النساء من الصبح وقلة مقامهن في المسجد
-
باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد
-
حديث: ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░160▒ بَابُ مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النِّيْءِ وَالبَصَلِ وَالكُرَّاثِ
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: (مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَوِ البَصَلَ مِنَ الجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا)
ذكر فيه أحاديث ثلاثةً:
أحدها: حديث ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ: (مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ _يَعْنِي الثُّومَ_ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا).
ثانيها: حديث جابرٍ مِن طريقين:
أحدهما: قال: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ _يُرِيدُ الثُّومَ_ فَلاَ يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا. قُلْتُ: مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ يَعْنِي إِلَّا نِيئَهُ. وقَالَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيد: عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، إِلَّا نَتْنَهُ).
ثانيهما: مِن حديث ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، زَعَمَ عَطَاءٌ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: (مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا _أَوْ قَالَ: فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا_ وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ). وأنَّ النَّبِيَّ صلعم أُتِيَ بِقِدْرٍ، فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ البُقُولِ، فَقَالَ: قَرِّبُوهَا، فَقَرَّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ: كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لاَ تُنَاجِي).
قَالَ أَحمدُ بنُ صَالِحٍ بَعدَ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابنِ شهابٍ: نُبِّئتُ قَولَ أَنسٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: عَن ابْنِ وَهْبٍ أُتِيَ بِبَدْرٍ _قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي طَبَقًا فِيهِ خَضِرَاتٌ_ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ، وَأَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ، قِصَّةَ القِدْرِ فَلاَ أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ فِي الحَدِيثِ.
ثالثها: حديث عَبْدِ العَزِيزِ بنِ صُهَيبٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا: مَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ اللهِ صلعم يَقُولُ فِي الثُّومِ؟ فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّا وَلَا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا).
الشرح: هذه الأحاديث الثلاثة أخرجها مسلمٌ أيضًا ولفظه في حديث ابن عمر: ((فلا يأتينَّ المسَاجِدَ)). وفي لفظ له: ((مَن أَكَلَ مِن هذهِ البَقْلَةِ فلا يقربنَّ مَسْجِدنا حتَّى يَذْهَبَ رِيُحها))، يعني: الثوم، وأورده ابن بطَّالٍ في «شرحه» بلفظ: ((فلا يَغْشَنَا في مَسْجِدنا)). قلت: ما يعني به؟ قال: ما أراه يعني إلَّا نيِّئه. وهذا لم يَرِد في حديث ابن عمر، إنَّما هو في حديث جابرٍ الذي بعدَه، ولفظه في حديث جابرٍ الأوَّل مِن طريق أبي الزبير عنه: نهى رسولُ الله صلعم عن أَكْلِ البصل والكرَّاث، فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها، فقال: ((مَنْ أَكَلَ من هذه الشَّجَرةِ الخبيثةِ الْمُنْتِنةِ فلا يَقربنَّ مسجدَنَا، فإنَّ الملائكةَ تتأذَّى ممَّا يتأذَّى منه الإنسُ)).
ولفظه في الثاني كرواية البخاريِّ، وفي روايةٍ له: ((مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ البَقْلَةَ، الثُّوْمَ)) وقال مرَّةً: ((مَنْ أَكَلَ البَصَلَ والثُّومَ والكرَّاث فلا يقربنَّ مسجدَنَا، فإنَّ الملائكةَ تتأذَّى ممَّا يتأذَّى منه بنو آدمَ))، وفي أخرى له: ((مَن أكلَ مِن هذِهِ الشَّجَرةِ_يريد الثُّومَ_ فلا يَغْشَنَا في مَسْجِدِنا)). ولفظه في حديث أنسٍ كالبخاريِّ وقال: ((ولا يُصَلِّي مَعَنا)). وفي بعض ألفاظ البخاريِّ: ((فلا يقربنَّ مسجدنا)) وأخرجه البخاريُّ أيضًا في الأطعمة.
إذا تقرَّر ذلك فالكلام عليه مِن أوجهٍ:
أحدها: اعترض ابن التين على تبويب البخاريِّ من وجهين:
أحدهما: ليس فيما أورده من الأحاديث ذِكرُ الجوع.
ثانيهما: لم يذكر في الكرَّاث حديثًا، وكأنَّه قاسَهُ على البقلتين.
والجواب عن الأوَّل أنَّ ما ذكره مِن الأحاديث إطلاقها يَدْخل فيه حالة الجوع، وما أوردناه من عند مسلمٍ صريحٌ فيه، فإنَّ الحاجةَ هي الجوعُ.
وفي «صحيح مسلمٍ» أيضًا عن أبي سعيدٍ الخدريِّ قال:لم نَعْدُ أن فُتحِت خَيْبرُ فَوقَعْنا أصحابَ رسول الله صلعم في تلك البَقْلَةِ _الثومِ_ والنَّاس جياعٌ، فَأَكَلْنا مِنها أكلًا شديدًا ثمَّ رُحْنَا إلى المسجِدِ، فوجد صلعم الرِّيح فقال: ((مَن أَكَلَ مِن هذِهِ الشَّجَرة الخبيثةِ شيئًا فلا يقربنَّا في المسجِدِ))، فقال النَّاس: حُرِّمت حُرِّمت. فبَلَغَ ذلك رسولَ الله صلعم فقال: ((أيُّها النَّاسُ، إنَّه ليسَ لي تحريمُ ما أحلَّ الله لي، ولكنَّها شجرةٌ أكرهُ رِيْحَها))، وإنَّما لم يذكره البخاريُّ، وكذا حديث أبي الزبير عن جابر السالف، لأنَّهما ليسا على شرطه.
والجواب عن الثاني أنَّه لم يقع له على شرطه ذكر الكرَّاث فلذا قاسَ عليه، وقد علمت أنَّ مسلمًا أخرجهما من حديث أبي الزبير عنه، ومِن غير طريقه أيضًا كما سلف، وسيأتي أيضًا.
وفي «مسند الحميديِّ» بإسناد على شرط «الصحيح»: سُئل جابرٌ عن الثُّوم، فقال: ما كان بأرضنا يومئذٍ ثومٌ، إنَّما الذي نهى رسول الله صلعم عنه البصلُ والكرَّاث. /
ولابن خزيمة: ((نَهَى رسولُ الله صلعم عن أكلِهِما، ولم يَكُن ببلدِنا يومئذٍ الثُّومُ)). وفي «مسند السَّراج»: نهى صلعم عن أكل الكرَّاث فلم يَنْتَهُوا، ثمَّ لم يَجِدوا بدًّا من أكْلِها، فوجدَ رِيْحَها، فقال: ((أَلَمْ أَنْهَكُم؟)) الحديثَ.
ثمَّ تقييدُ البخاريِّ في تبويبه الثومَ بكونه نيئًا اعتمادًا على ما وقع في تفسيرِه على إحدى الروايتين المذكورتين.
الثاني: لَمَّا أخرجه الترمذيُّ مِن حديث عطاءٍ عن جابرٍ قال: وفي الباب عن عمر وأبي أيُّوب وأبي هريرة وأبي سعيدٍ وجابر بن سَمُرة وقرَّة وابن عمر. وقد علمت مَن أخرجه من طريق ابن عمر وأبي سعيدٍ، وطريق أبي هريرة أخرجه مسلمٌ منفردًا به بلفظ: ((مَن أَكَلَ مِن هذِهِ الشَّجَرةِ فلا يَقربنَّ مَسْجِدَنا، ولا يُؤذِينا بِرِيحِ الثَّومِ)).
وأخرجه ابن ماجه بلفظ: ((مَن أَكَلَ مِن هذه الشجرِةِ _يعني الثُّوم_ فلا يُؤذِينا في مَسْجِدِنا هذا)).
قال إبراهيم بن سعدٍ أحدُ رواته: وكان أبي يزيدُ فيه الكرَّاث والبصلَ.
وطريق عمر أخرجاه بلفظ: ((ثمَّ إنَّكم أيُّها النَّاسُ تأكلونَ شَجَرتين لا أراهما إلَّا خبيثتينِ هذا البصل والثوم، ولقد رأيتُ رسولَ الله صلعم إذا وجَدَ رِيْحَهما مِن الرَّجُلِ أَمَر به فأُخرج إلى البقيع، فمن أَكَلَهُما فَلْيُمِتْهُمُا طَبْخًا)).
وفي «علل ابن أبي حاتمٍ» وقد سُئل عن حديث عمرو بن ميمون عن عمر: ((كان صلعم يكرهُ الكرَّاث، فمَن أكلَهُ منكم فلا يَحْضُرِ المساجدَ وتِلاوةَ القرآن))، فقال: إنَّما هو مرسلٌ عن هلال بن يَسَافٍ عن عمر.
وحديث أبي أيُّوب أخرجه الترمذيُّ، وحديث قرَّة أخرجه البيهقيُّ بلفظ: ((مَن أَكَلَ مِن هاتينِ الشَّجَرتين فلا يقربنَّ مَسْجِدَنا، فإنْ كُنْتُم لا بدَّ آكليهما فأَمِيْتُوهُمَا طَبْخًا)).
قلت: وفي الباب أيضًا عن حُذَيفة وأبي ثعلبة الخشنيِّ والمغيرة بن شُعْبة وعليٍّ، أمَّا حديث حُذَيفة فأخرجه ابن خزيمة وابن حبَّان في «صحيحيهما»: ((مَنْ أَكَلَ من هذِهِ البَقْلةِ الخبيثةِ فلا يقربنَّ مَسْجِدَنا ثلاثًا))، وأمَّا حديث أبي ثعلبة فأخرجه الطبرانيُّ في «الأوسط»، وفي إسناده بقيَّة، ولفظه: ((غَزَونا مع رسولِ الله صلعم فَأَصَبْنا بَصَلًا، فَأَكَلُوا منه والقومُ جياعٌ، فقال صلعم: من أَكَلَ من هذه الشَّجَرةِ...)) الحديث، وحديث المغيرة عند الترمذيِّ، وحديث عليٍّ في «الحلية» لأبي نعيمٍ.
الثالث: قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: عَن ابْنِ وَهْبٍ) في بعض النسخ ساقَ حديث سعيد بن عُفَيرٍ، عن ابن وهبٍ، عن يونس، عن ابن شهابٍ، زعم عطاءٌ. السالف عقبه، والصواب تقديمه عليه كما أسلفناه؛ لأنَّ شأن التعليق أن يبيِّن بعضَ الحديث الذي قبلَه وهو حديث سعيد بن عفيرٍ، وقد أخرجه في كتاب الاعتصام عن أحمد بن صالحٍ عن ابن وهبٍ إلى آخره، وأخرج رواية يونس عن ابن شهابٍ هنا. وفي الأطعمة والاعتصام، ومسلمٌ في الصلاة.
الرابع: في ألفاظه:
قوله: (زَعَمَ) السالفة ليس على معنى التهمة، ولكن لمَّا كان أمرًا مختلفًا فيه عبَّر عنه بالزعم، وقد يُستعمل فيما يُختلف فيه كما يُستعمل فيما يُرتاب فيه، نبَّه عليه الخطابيُّ وغيره.
والنِّيئ _بكسر النون ممدودٌ مهموزٌ_ ضدُّ المطبوخ، وكذا قوله: (إِلَّا نِيئَهُ) و(نَتْنَهُ) على رواية ابن جريجٍ بفتح النون، أي: الرائحة الكريهة.
قال ابن التين: كذا رُوِّيناه بفتحها، وضُبط في بعض الكتب المصحَّحة بكسرها، ولا أعلم له وجهًا.
والثُّوم بضمِّ الثاء المثلَّثة، وفي قراءة ابن مسعودٍ: {وَثُومِهَا} [البقرة:61] ومعنى: (لا يَقْرَبَنَّا): لا يدنو منَّا، و(مَسْجِدَنَا) لأبي ذرٍّ، ولأبي الحسن: <مَساجِدَنا>.
وقوله: (بِقَدْرٍ) هو ما اقتصر عليه مسلمٌ. وذكر البخاري بعده رواية: (بِبَدرٍ) بباءين موحَّدتين، وهو الصواب، أي: بطبقٍ، سُمِّي بدرًا لاستدارته. و(خَضِرَاتٍ) بفتح أولِّه وكسر ثانيه، قال ابن التين: كذا روايتنا. وضبطه بعضهم بضمِّ الخاء وفتح الضاد، قال: وأنكَرَ بعضُ أهل اللغة فتحَ الخاء.
والبُقُول: جمع بَقْلٍ، وهو كلُّ نباتٍ اخضرَّت به الأرض، وسمَّاها شجرةً وهو خلاف الأصل، فإنَّها من البُقُول، والشجر في كلام العرب ما كان على ساقٍ تحمل أغصانه، وإلَّا فهو نجمٌ، وتسميتها: خبيثةً في رواية مسلمٍ المراد به: المستكره.
وقوله: (فِيهِ خَضِرَاتٌ) الضمير يعودُ إلى القدر، وقد أنَّثها بعد بقوله: (بِمَا فِيهَا) وهما لغتان، ولو قلنا بالتأنيث فالضمير يعودُ إلى الطعام الذي فيه، والضمير في: (قَرِّبُوْهَا) عائدٌ إلى البقول، ويحتمل عودَهُ إلى (خَضِرَاتٌ).
وقوله: (فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لاَ تُنَاجِي) أي: أُسارر من لا تُسارِر.
وقوله: (فِيْ غَزَاةِ خَيْبَرَ) يعني حين أراد الخروج أو حين قدِم، قاله أبو جعفرٍ الداوديُّ، ولا يصحُّ، فإنَّ ظاهر الكلام أنَّه قاله وهو في الغَزَاة نفسها.
الخامس: في أحكامه مختصرةً، وهي موضَّحةٌ في «شرح العمدة».
فيه: إباحةُ أكلِ الثوم والبصل ونحوهما، وهو إجماعٌ، وشذَّ أهل الظاهر فحرَّموها لإفضائها إلى ترك الجماعة، وهي عندهم فرض عينٍ.
وقد أسلفنا أنَّه صلعم قال: ((إنَّه ليسَ لي تحريمُ ما أحلَّ الله لي، ولكنَّها شجرةٌ أكرهُ رِيْحَها)). بل الأصحَّ أنه يُكره في حقِّه ولا يَحرم، وقد أكلَه جماعةٌ من السلف.
وفيه: احترام الملائكة، ولا دلالة فيه على تفضيلهم على البشر لأنَّه سوَّى بينهم وبين بني آدم في الأذى، ولا تختصُّ بمسجده صلعم بل المساجد كلُّها سواءٌ عملًا برواية: <مَسَاجِدَنا> و(المساجد)، وشذَّ من خصَّه بمسجده، فالنهي في مسجده ثابتٌ في الباقي عملًا بالعموم.
قال الداوديُّ: ويُحمل قوله: (مسجدنا) على <مساجدنا>، ويُلحق بما نصَّ عليه في الحديث كلُّ ما له رائحةٌ كريهةٌ من المأكولات وغيرها، وخصَّه بالذِّكْر لكثرة أكلِهِم لها، وقد ورد الفجل أيضًا في الطبرانيِّ في «أصغر معاجمه»، ولم يظفر به القاضي عياضٌ ولا النوويُّ بل / ألحقاه بما ذُكر.
وقال مالكٌ _فيما حكاه ابن التين_ الفجل إن كان يُؤْذِي ويَظْهَر فكذلك، وألحق بذلك بعضهم من بفيه بَخَرٌ أو به جرحٌ له رائحةٌ، وكذا القصَّاب والسمَّاك والمجذوم والأبرص أولى بالإلحاق، وصرَّح بالمجذوم ابن بطَّال، ونُقِل عن سَحنون: لا أرى الجمعةَ تجبُ عليه. واحتجَّ بالحديث.
وألحق بالحديث كلُّ من آذى الناس بلسانه في المسجد، وبه أفتى ابن عمر وهو أصلٌ في نفي كلِّ ما يُتأذَّى به، وقاس العلماء على المساجد مجامع الصلاة في غيرها، وكذا مجامع العلم والولائم، وخصَّها بعضهم بالمحيطة المبنيَّة، ويمتنع الدخول بهذه الروائح المسجد وإن كان خاليًا لأنَّه محلُّ الملائكة، ولا يبعد أن يُعذَر من كان معذورًا بأكل ما له ريحٌ كريهٌ، وقد صرَّح به ابن حبَّان _من أصحابنا_ في «صحيحه»، وحُكم رَحْبة المسجد حكمه لأنَّها منه، وقد سلف أنَّه كان يخرج به إلى البقيع.
وخصَّ القاضي عياضٌ الكراهة بما إذا كان معهم غيرهم ممَّن يتأذَّى، أمَّا إذا أكلوه كلُّهم فلا، لكن يبقى احترام الملائكة، وليس المراد بالملائكة الحفظةَ.
وفيه: التعليل بعلَّتين فصاعدًا، والنهي إذا لم يُطبخ دون ما إذا طُبخت، وقد يُستدلُّ به على أنَّ أكل هذه الأمور من الأعذار المرخَّصة في ترك الجماعة. وقد يُقال: إنَّ ذلك خرج مخرجَ الزجر عنها، فلا يقتضي ذلك أن يكون عذرًا في تركها إلَّا أن تدعو إلى أكلها ضرورةً، لكن يبعدهُ تقريبُهُ إلى بعض أصحابه، فإنَّ ذلك ينافي الزَّجْر.
وفيه: أنَّ الخضر كانت عندهم بالمدينة، وفي إجماع أهلها على أنَّه لا زكاة فيها دليلٌ على أنَّ الشارع لم يأخذ منها الزكاة، ولو أخذ منها لم يخفَ على جميعهم، ولنُقل ذلك، وهو قول مالكٍ والشافعيِّ وجماعةٍ، خلافًا لأبي حنيفة.
وفيه: اختصاص البرِّ بطائفةٍ حيث خصَّ أهلَ المسجد دونَ الأسواق.
وفيه: أنَّ مَن تركَ طعامًا لا يحبُّه أنَّه لا لومَ عليه، كما فَعَلَ في الضبِّ.