التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: يهوي بالتكبير حين يسجد

          ░128▒ بَابٌ: يَهْوِي بِالتَّكْبِيرِ حِينَ يَسْجُدُ.
          (وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَضَعُ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ).
          هذا التعليق رواه الحاكم مِن حديث مُحرِز بن سَلَمة، عن عبد العزيز، عن عبيد الله عن نافعٍ عنه به، وقال: ((كان النَّبيُّ صلعم يَفْعلُ ذلكَ))، ثمَّ قال: صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه، وله معارضٌ من حديث أنسٍ ووائل بن حَجَرٍ. وقال الحازميُّ: هذا حديث يُعدُّ من مَفَاريد عبد العزيز عن عُبَيد الله.
          وقال البيهقيُّ: رواه ابن وهبٍ وأَصْبغ عن عبد العزيز، قال: والمشهور عن ابن عمر. ثمَّ ساق بإسناده إلى أيُّوب عن نافعٍ عن ابن عمر قال: ((إذا سَجَد أحدُكُم فَلْيَضَع يديهِ، فإذا رَفعَ فَلْيَرْفَعْهُما، فإنَّ اليدينِ تَسْجُدان كما يَسْجدُ الوجهُ)).
          وبإسناده إلى أيُّوب، عن نافعٍ، عن ابن عمر رفعه: ((إنَّ اليدينِ تَسْجُدَان كما يَسْجُدُ الوجهُ، فإذا وضع أحدُكُم وَجْهُهُ فَلْيَضع يديهِ، وإذا رَفَعهُ فَلْيَرفَعهما)). وهذا الأخير خرَّجه ابن خزيمة في «صحيحه»، وقال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشيخين، ثمَّ قال ابن خُزَيمة: ذكر الدليل على أنَّ الأمر بوضع اليدين عند السجود منسوخٌ، وأنَّ وضع الركبتين قبل اليدين ناسخٌ. ثمَّ ساق حديثًا عن سعدٍ قال: ((كنَّا نَضَعُ اليَدينِ قبلَ الرُّكبتين فأُمرنا بالرُّكبتينِ قبلَ اليدين)). وأعلَّه البيهقيُّ وغيره. وعند الشافعيِّ أنَّ الأفضلَ أن يضعَ ركبتيه ثمَّ يديه.
          وبه قال أحمد وأصحاب الرأي وأكثر العلماء، كما نقله الترمذيُّ وغيره.
          وقال مالكٌ: يقدِّم يديهِ على رُكبتيهِ. وهو روايةٌ عن أحمد، وبه قال الأوزاعيُّ والحسن وابن حزمٍ، وفيه حديثٌ عن أبي هريرة رواه أبو داود والترمذيُّ والنسائيُّ، واستغربه الترمذيُّ، وأعلَّه البخاريُّ والدارقطنيُّ.
          وعن مالكٍ روايةٌ أيضًا أنَّه يقدِّم أيَّهما شاء. وعنه كالشافعيِّ، وقال قَتَادة: يصنع أهونَ ذلك عليه. وتوقَّف النوويُّ في ذلك فقال: لا يظهر لي الآن ترجيحُ أحدِ المذهبين مِن حيث السُّنَّة. قال الشافعيُّ في «الأمِّ»: فإن خالفَ الترتيب المذكور كَرِهته ولا إعادةَ عليه.
          قال الطَّحاويُّ: اتَّفقوا أنَّه يضعُ رأسه بعدَ يديه وركبتيه، ثمَّ يرفعه قبلَهما، ثمَّ كانت اليدان متقدِّمتين في الرَّفْع، فوجب أن يكونا مؤخَّرتين في الوضع.