التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام

          ░53▒ باب إِثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ.
          691- ذكر فيه حديث مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ _أَوْ أَلاَ يَخْشَى أَحَدُكُمْ_إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ) أَوْ (يَجْعَلَ اللهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ؟).
          الكلام عليه مِن أوجهٍ:
          أحدها: هذا الحديث أخرجه مسلمٌ والأربعة، وتابع محمَّدُ بن سِيرينَ محمَّدَ بن زيادٍ، أخرجه البيهقيُّ.
          ثانيها: (يخشَى) معناه: يخاف، وخصَّ الحمار دون غيره لبلادته وعدم فهمه؛ لأنَّ المتعاطي لمخالفة إمامه ومسابقته في أفعاله كأنَّه بلغ هذا المبلغ مِن البلادة، فناسب أن يُحوَّل به لشبهه به، والعقوبة مِن جنس الذَّنب، وخُصَّ الرَّأس بذلك دون غيره لوقوع الجناية به، والوجه في الرَّأس ومعظم الصُّورة فيه. ويجوز أن يكون ذلك حقيقةً، وقد وقع.
          ثالثها: الحديث نصٌّ في الرَّفع، ومثله الخفض، وخُصَّ الرُّكوع والسُّجود دون غيرهما لأنَّهما آكدُ أركان الصَّلاة، وهما محلُّ القُرب.
          وفيه الوعيد على الفعل المذكور وتحريم مسابقة الإمام وغلظها. ونظر ابن مسعودٍ إلى مَن سبق إمامه فقال: لا وحدَك صلَّيت، ولا بإمامك اقتدَيت. وعن ابن عمرَ نحوه، وأمرَ بالإعادة. والجمهور على عدم الإعادة. وَقَالَ أحمدُ: مَن سبق الإمام عالمًا بتحريمه ليس له صلاةٌ لهذا الحديث، ولو كانت له صلاةٌ لرُجي له الثَّواب ولم يُخشَ العقاب.
          وفيه: كمال شفقته ◙ بأمَّته، وبيانه لهم الأحكام وما يترتَّب على المخالفة.