التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف

          ░72▒ باب إِقْبَالِ الإِمَامِ على النَّاسِ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ.
          719- ذكر فيه حديث أنسٍ: (أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلعم بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُم وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي).
          وقد سلف في الباب قبله [خ¦718].
          وفيه دليلٌ على جواز الكلام بين الإقامة والإحرام بالصَّلاة، ولا بأس به عند الفقهاء الحجازيِّين، وهو ردٌّ على الكوفيِّين، وقد سلف ذلك في أبواب الأذان.
          وقوله: (وَتَرَاصُّوْا) أي: انضمُّوا. قَالَ صاحب «العين»: رصصتُ البنيان رصًّا: ضممتُه. وتراصُّوا في الصُّفوف منه. وقد ذكر الله تعالى: {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4]، ومدحهم بذلك وقضى بالمحبَّة للمصطفِّين في طاعته، فدلَّ أنَّ الصَّفَّ في الصَّلاة كالصَّفِّ في سبيل الله.
          وفي «صحيح مسلمٍ» مِن حديث جابرِ بن سَمُرة قَالَ: ((خرج علينا رَسُولُ الله صلعم فقال: ألا تصُفُّون كما تصُفُّ الملائكة عند ربِّها. فقلنا: يا رَسُولَ الله وكيف تصُّفُّ الملائكة عند ربِّها؟ قَالَ: يُتِمُّون الصُّفوف الأُوَل ويتراصُّون في الصَّفِّ)).
          وفي «سنن أبي داود» و«صحيح ابن حبَّان» مِنْ حديث أنسٍ أنَّ رَسُولُ الله صلعم قَالَ: ((رُصُّوا صفوفَكم وقاربُوا بينها وحاذُوا بالأعناقِ فوالَّذي نفسي بيده إنَّ الشَّيطان يدخلُ مِن خَلَلِ الصَّفِّ كأنَّها الحَذَفُ)). الحَذَف: بحاءٍ مهملةٍ مفتوحةٍ / وذالٍ معجمةٍ مفتوحةٍ أيضًا ثمَّ فاءٌ، وهي غنمٌ صغارٌ سُودٌ تكون باليمن، وفسَّرها مسلمٌ بالنَّقَد _بالتَّحريك_ وهي جنسٌ مِن الغنم قصارُ الأرجل قِباحُ الوجوه تكونُ في البحرين، الواحدة: نقَدَة. قَالَ الأصمعيُّ: أجود الصُّوف صوفُها. وفي روايةٍ للبيهقيِّ: ((قيل: يا رَسُولَ الله وما أولادُ الحَذَفِ؟ قَالَ: ضأنٌ جُردٌ سُودٌ تكونُ بأرضِ اليمنِ)). قَالَ الخطَّابيُّ: ويُقال أكثر ما تكون بأرض الحِجاز.
          وفي «صحيح مسلمٍ» مِن حديث أبي مسعودٍ أنَّ رَسُولَ الله صلعم كان يمسح مناكبنا في الصَّلاة ويقول: ((استوُوا ولا تختلفُوا فتختلفَ قلوبكُم...)) الحديث.