-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
حديث: ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى
-
حديث: كانَ المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون
-
باب الأذان مثنى مثنى
-
باب الإقامة واحدة إلا قوله: قد قامت الصلاة
-
باب فضل التأذين
-
باب رفع الصوت بالنداء
-
باب ما يحقن بالأذان من الدماء
-
باب ما يقول إذا سمع المنادي
-
باب الدعاء عند النداء
-
باب الاستهام في الأذان
-
باب الكلام في الأذان
-
باب أذان الأعمى إذا كانَ له من يخبره
-
باب الأذان بعد الفجر
-
باب الأذان قبل الفجر
-
باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة
-
باب من انتظر الإقامة
-
باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء
-
باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد
-
باب الأذان للمسافر إذا كانَوا جماعة والإقامة
-
باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا؟وهل يلتفت في الأذان؟
-
باب قول الرجل فاتتنا الصلاة
-
باب: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
-
باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة
-
باب: هل يخرج من المسجد لعلة؟
-
باب: إذا قال الإمام: مكانَكم حتى إذا رجع انتظروه
-
باب قول الرجل: ما صلينا
-
باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة
-
باب الكلام إذا أقيمت الصلاة
-
باب وجوب صلاة الجماعة
-
باب فضل صلاة الجماعة
-
باب فضل صلاة الفجر في جماعة
-
باب فضل التهجير إلى الظهر
-
باب احتساب الآثار
-
باب فضل صلاة العشاء في الجماعة
-
باب اثنان فما فوقهما جماعة
-
باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد
-
باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح
-
باب: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
-
باب حد المريض أن يشهد الجماعة
-
باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلى في رحله
-
بابٌ: هل يصلي الإمام بمن حضر؟
-
باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة
-
باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل
-
باب من كانَ في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج
-
باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي
-
باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة
-
باب من قام إلى جنب الإمام لعلة
-
باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول
-
باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم
-
باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم
-
باب إنما جعل الإمام ليؤتم به
-
باب متى يسجد من خلف الإمام
-
باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام
-
باب إمامة العبد والمولى
-
باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه
-
باب إمامة المفتون والمبتدع
-
باب: يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً إذا كانَا اثنين
-
باب: إذا طول الإمام وكانَ للرجل حاجة فخرج فصلى
-
باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود
-
باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء
-
باب من شكا إمامه إذا طول
-
باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي
-
باب: إذا صلى ثم أم قومًا
-
باب من أسمع الناس تكبير الإمام
-
باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟
-
باب: إذا بكى الإمام في الصلاة
-
باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها
-
باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف
-
باب الصف الأول
-
باب إقامة الصف من تمام الصلاة
-
باب إثم من لم يتم الصفوف
-
باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف
-
باب: إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه
-
باب المرأة وحدها تكون صفًا
-
باب ميمنة المسجد والإمام
-
باب إذا كانَ بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة
-
باب صلاة الليل
-
باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة
-
باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء
-
باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع
-
باب: إلى أين يرفع يديه؟
-
باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين
-
باب وضع اليمنى على اليسرى
-
باب الخشوع في الصلاة
-
باب ما يقول بعد التكبير
-
باب
-
باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة
-
باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة
-
باب الالتفات في الصلاة
-
باب: هل يلتفت لأمر ينزل به أو يرى شيئًا أو بصاقًا في القبلة
-
باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها
-
باب القراءة في الظهر
-
باب القراءة في العصر
-
باب القراءة في المغرب
-
باب الجهر في المغرب
-
باب الجهر في العشاء
-
باب القراءة في العشاء بالسجدة
-
باب القراءة في العشاء
-
باب يطول في الأوليين ويحذف في الأخريين
-
باب القراءة في الفجر
-
باب الجهر بقراءة صلاة الفجر
-
باب الجمع بين السورتين في الركعة
-
باب: يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب
-
باب فضل التأمين
-
باب جهر المأموم بالتأمين
-
باب: إذا ركع دون الصف
-
باب إتمام التكبير في الركوع
-
باب إتمام التكبير في السجود
-
باب إذا لم يتم الركوع
-
باب استواء الظهر في الركوع
-
باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه والاطمأنينة
-
باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة
-
باب الدعاء في الركوع
-
باب: القراءة فِي الركوع والسجود
-
باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع
-
باب فضل اللهم ربنا لك الحمد
-
باب
-
باب الاطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع
-
باب: يهوي بالتكبير حين يسجد
-
باب فضل السجود
-
باب: يبدى ضبعيه ويجافى في السجود
-
باب يستقبل بأطراف رجليه القبلة
-
باب إذا لم يتم السجود.
-
باب السجود على سبعة أعظم
-
باب السجود على الأنف والسجود على الطين
-
باب عقد الثياب وشدها
-
باب التسبيح والدعاء في السجود
-
باب المكث بين السجدتين
-
باب: لا يفترش ذراعيه في السجود
-
باب: من استوى قاعدًا في وتر من صلاته ثم نهض
-
باب: كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة
-
باب: يكبر وهو ينهض من السجدتين
-
باب سنة الجلوس في التشهد
-
باب من لم ير التشهد الأول واجبًا لأن النبي قام من الركعتين
-
باب التشهد في الأولى
-
باب الدعاء قبل السلام
-
باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى
-
باب التسليم
-
باب: يسلم حين يسلم الإمام
-
باب من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة
-
باب الذكر بعد الصلاة
-
باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم
-
باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام
-
باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم
-
باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال
-
باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث
-
باب وضوء الصبيان
-
باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس
-
باب صلاة النساء خلف الرجال
-
باب انتظار الناس قيام الإمام العالم
-
باب سرعة انصراف النساء من الصبح وقلة مقامهن في المسجد
-
باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد
-
حديث: ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░152▒ بَابُ التَّسْلِيمِ
837- ذكر فيه حديث هِنْدٍ بِنْتِ الحَارِثِ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَت: (كانَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ) قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأُرَى _وَاللهُ أَعْلَمُ_ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ القَوْمِ.
هذا الحديث لم يخرِّجه مسلمٌ، ويأتي أيضًا.
وفيه من حديث عائشة: ((كانَ ◙ لم يَقْعُد إلَّا مِقْدارَ ما يقول: أنتَ السَّلامُ ومنك السَّلامُ، تباركتَ يا ذا الجلالِ والإكرام)). ولابن خزيمة من حديث ابن مسعودٍ: ((كان ◙ إذا سلَّم في الصَّلاة لا يجلس إلَّا مِقْدَار ما يَقُول: اللهُمَّ أنتَ السَّلامُ ومنك السَّلامُ، تباركتَ يا ذا الجلالِ والإكرام)).
ولأبي نعيمٍ في «اليوم والليلة» مِن حديث أبي سعيدٍ، بإسنادٍ فيه ضعفٌ: ((كان صلعم لا يجلسُ بعدَ أن يَنْصرفَ مِن الصَّلاة إلَّا قَدْر ما يَقُول: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات:180] إلى آخر السُّورة)).
واختلفَ العلماء في وجوب التسليم:
فذهبت جماعةٌ منهم إلى أنَّه فرضٌ لا يصحُّ الخروجُ من الصلاة إلَّا به، وممَّن أوجب ذلك ابن مسعودٍ، قال: مفتاحُ الصَّلاة التكبير وانقضاؤها التسليم. ذكره الطبريُّ.
وبه قال عطاءٌ والزهريُّ ومالكٌ والشَّافعيُّ وأحمد وغيرهم حتَّى لو أخلَّ بحرفٍ من حروفه لم تصحَّ صلاته. وذهب أبو حنيفة والثوريُّ والأوزاعيُّ إلى أنَّ السلام سُنَّةٌ، وأنَّ الصلاة يصحُّ الخروج منها بغير سلامٍ، وعنه أنَّه واجبٌ.
وفي «العُتبيَّة» عن ابن القاسم: إذا أحدث الإمام متعمِّدًا قبل السلام صحَّت صلاته كقول أبي حنيفة، واحتجَّوا بحديث ابن مسعودٍ لمَّا ذكر التشهُّد: ((فإذا قلتَ هذا _أو قضيتَ هذا_ فقد قضيتَ صلاتك، إن شئتَ أن تقومَ فَقُم، وإن شئتَ أن تَقْعُدَ فاقْعُدْ)).
والجواب أنَّ هذه مدرجةٌ مِن عند ابن مسعودٍ / باتِّفاق الحفَّاظ كما أوضحه الدارقطنيُّ والبيهقيُّ والخطابيُّ والخطيب، وخلقٌ، قال البيهقيُّ: ذهب الحفاظ إلى أنَّ هذا وَهْمٌ، وأنَّ ذلك من قول ابن مسعودٍ أُدرج في الحديث. وذهب بعض أهل العلم أنَّ ذلك قبل أن ينزل التسليم.
قلتُ: ويتنَّزل ويُجاب بأنَّ المراد: فقد قضيت معظمَ صلاتك وبقيَ عليه الخروجُ منها بالسلام، فكنَّى عن التسليم بالقيام، إذ كان القيام إنَّما يقع عقبه جمعًا بينَه وبين قوله صلعم: ((تحريمُها التَّكبيرُ وتحليلُها التَّسليمُ))، قالوا: ورُوي عن عليٍّ ☺ أنَّه قال: إذا رفع رأسَهُ من آخر سجدةٍ ثمَّ أحدثَ فقد تمَّت صلاتُهُ، قلت: ورُوي أيضًا مرفوعًا وهو ضعيفٌ.
قال الشَّافعيُّ: ليسوا يقولون به، وقد رُوي عن رجلٍ: فيه كلامٌ كثيرٌ هم ينكرونه، وعن سعيد بن المسيِّب والنخعيِّ مثله، واحتجَّ الطحاويُّ بأنَّه صلعم صلَّى الظهر خمسًا، فلمَّا أُخبر بصنعه ثَنَى رِجْله فسجدَ سجدتين، فقد خرج منها إلى الخامسة لا بتسليم، ولو جاء بالخامسة وقد بقي عليه بما قبلها سجدة، كان ذلك مفسدًا للأربع، فلو كان واجبًا كالسَّجْدة لكان حُكمه كالسجدة، فعُلم أنَّه ليس بركنٍ ولا يُسلَّم له ذلك.
قال الطبريُّ: السَّلام مِن الأعمال التي علَّم النبيُّ صلعم أمَّتَه العملَ به، كما علَّمهم التحريم فيها والقراءة، فمن ضيَّع ذلك أو تركه عامدًا فهو مفسدٌ؛ لأنَّه ضيَّع ما قامتْ به الحجَّة لجواز الصلاة معهم، وكما لا يجوز الدخول في الصلاة إلَّا بالإحرام فكذلك لا يجوز الخروج عنها إلَّا بالسلام.
واختلفوا في صفة السلام مِن الصلاة، فقالت طائفةٌ: يُسلِّم تسليمتين عن يمينه وعن يساره، رُوي ذلك عن أبي بكرٍ الصدِّيق وعمر وعليٍّ وابن مسعودٍ وعمَّارٍ، ورُوي ذلك عن الشعبيِّ وعطاءٍ وعلقمة والأسود وأبي عبد الرحمن السُّلَميِّ، وهو قول الثوريِّ وأبي حنيفة والشافعيِّ وأحمد وإسحاق وأبي ثورٍ. قال ابن المنذر: وبه أقول.
واحتجُّوا بآثارٍ كثيرةٍ رُويت عن النبيِّ صلعم بذلك، منها حديث ابن مسعودٍ وأبي موسى وعمَّارٍ ووائل بن حَجَرٍ وأبي حُمَيدٍ الساعديِّ وأبي رَمْثَة وواثِلَة وابن عمر وجابر بن عبد الله وجابر بن سَمُرة والبَرَاء بن عازبٍ وقَبِيصة بن ذُؤيبٍ ويعقوب بن الحصين وعَدِيِّ بن عميرة الحضرميِّ وسهل بن سعدٍ وأبي سلمة الأشعريِّ وعائشة وسَلَمة بن الاكوع وأنسٍ، وبعضها عند مسلمٍ وابن خزيمة وابن حبَّان، وغالبها عند الطبرانيِّ والطبريِّ، فالأولى واجبةٌ والثانية سُنَّةٌ.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنَّ صلاة من اقتصر على تسليمةٍ واحدةٍ جائزةٌ، وعند الطحاويِّ: عن الحسن بن الحرِّ: هما واجبتان، وهي روايةٌ عن أحمد، وبها قال بعض أصحاب مالكٍ. وقالت طائفةٌ: يسلِّم تسليمةً واحدةً فقط.
رُوي ذلك عن ابن عمر وأنسٍ وعائشة وسلمة بن الأكوع، ومن التابعين سليمان بن يسارٍ وأبي وائلٍ وسعيد بن جبيرٍ وابن سيرين والحسن، وهو قول مالكٍ والليث والأوزاعيِّ، ودفعوا الأحاديث الأُول، وذكر محمَّد بن عبد الحَكَم عن عبد الرحمن بن مهديٍّ قال: أحاديث التَّسْلِيمتين لا أصل لها.
وقال الأَصِيليُّ: حديث أمِّ سلمة المذكور في الباب يقتضي تسليمةً واحدةً، وكذلك حديث ابن بُحَينة، وحديث ذي اليدين، لأنَّ قول أمِّ سلمة: (كَانَ صلعم إِذَا سَلَّمَ): يقتضي ظاهره أنَّ كلَّ ما وقع عليه اسم سلامٍ يُتحلَّل به مِن الصَّلاة.
قال المهلَّب: لمَّا كان السلام تحلُّلًا مِن الصلاة وعَلمًا على فراغها دلَّت التسليمةُ الواحدة على ذلك، وإن كان في التسليمتين كمالًا فقد مضى العمل بالمدينة في مسجده صلعم على تسليمةٍ واحدةٍ فلا نحبُّ مخالفة ذلك.
وذكر الطبريُّ بإسناده إلى أنسٍ قال: ((صلَّيتُ خَلْفَ رسولِ اللهِ صلعم وأبي بَكْرٍ وعُمَر وعُثْمان وكانوا يسلِّمون تَسلِيمةً واحدةً))، وقال ابن أبي ليلى: ((صلَّيت خلفَ عليِّ بن أبي طالبٍ فَسَلَّم واحدةً))، ذكره ابن أبي شيبة.
قال الطبريُّ: والقول في ذلك أن يُقال: كِلا الخبرين الواردين عن رسول الله صلعم أنَّه كان يسلِّم واحدةً وثنتين صحيحٌ، وأنَّه كان من الأمور التي كان يفعل هذا مرَّةً وهذا مرَّةً، يُعلِّم بذلك أمَّته أنَّهم مخيَّرون في العمل بأي ذلك شاؤوا، كرفعه يديه في الركوع والرفع منه وتركه ذلك مرَّةً أخرى، وبجلوسه في الصلاة على قدمِه اليسرى ونصبه اليمنى فيها مرَّةً، وإفضائه بإليته إلى الأرض، وإدخاله قدمه اليسرى تحت فخذه اليمنى مرَّةً، في أشباه لذلك كثيرةٍ.
وعند الشافعيَّة قولٌ آخر: أنَّه إن كان منفردًا أو في جماعةٍ قليلةٍ ولا لغط عندهم، فتسليمةٌ وإلَّا فثنتان. ورُوي أنَّه صلعم سلَّم ثلاثًا، وهي معلولةٌ. وعن مالكٍ في «الواضحة»: يسلِّم الفذُّ تسليمتين. وقد كان مالكٌ يأخذ في خاصَّة نفسه. وقال عمَّار بن أبي عمَّارٍ: كان مسجد الأنصار يسلِّمون فيه تسليمتين، وكان مسجد المهاجرين يسلِّمون فيه تسليمةً واحدةً لا يردُّون على الإمام. واعتذر في «المحيط» فقال: لمَّا كانت التسليمة الثانية أخفضَ مِن الأولى خَفِيت على من كان بعيدًا عنه صلعم.
وقال ابن التين: ذُكِر السلام عن النبيِّ صلعم في غير حديثٍ، وقلَّ ما يأتي من طريقٍ صحيحٍ كيفيَّةُ سلامه. ورُوي أنَّه صلعم كان يسلِّم تسليمتين حتَّى يُرى صَفْح خدِّه. وفي مسلمٍ: ((حتَّى يُرى بَيَاضُ خدِّه)).
قال: ورواية أنَّه كان يسلِّم / واحدةً غير ثابتةٍ. ورُوي عنه: ثنتين؟. أخرجه مسلمٌ، وهي أخبارٌ تحتمل التأويل، والقياس يقتضي إفرادَ السلام في حُكْم الإمام والمنفرد.
فرعٌ: صِفةُ السلام بالتعريف، وفي تنكيره خلافٌ عندنا، والأصحُّ المنع.
فصلٌ: وفي الحديث خروج النساء إلى المساجد وسبقهنَّ بالانصراف، فالاختلاط بهنَّ مظنَّة الفساد، ويمكث الإمام في مصلَّاه والحالة هذه، فإن لم يكن هناك نساءٌ فالمستحبُّ للإمام أن يقوم من مصلَّاه عَقِب سلامه. كذا قاله الشافعيُّ في «المختصر».
وفي «الإحياء» للغزاليِّ: أنَّ ذلك فعلُ رسول الله صلعم وأبي بكرٍ وعمر، وصحَّحه ابن حبَّان في غير «صحيحه» ولم يذكر عمر.
وفي «النهاية» لإمام الحرمين أنَّ في الحديث: ((إذا لم يَقُم إمامُكُم فانخسوه))، وحاصل كلام ابن الرفعة في «كفايته»: أنَّ الإمام يُستحبُّ له إذا لم يكن نسوةٌ أن يمكث بعد السلام للدعاء، فإذا فرغ منه وثبَ قائمًا ثمَّ جلس ويستقبل الناس، على الخلاف في كيفيَّة الاستقبال، وهذا المجموع على هذا الترتيب غريبٌ منه لم يقل به أحدٌ، ولا معنى له أيضًا، وكلام النوويِّ في «شرح المهذَّب» يخالفه، وكلام الماورديِّ في «حاويه» أقربُ منه.
قال النوويُّ عقب النصِّ السالف: اتَّفق على هذا النصِّ الأصحاب وعلَّلوه بعلَّتين:
إحداهما: لئلَّا يشكُّ هو ومن خَلْفَه هل سلَّم أم لا.
الثانية: لئلَّا يدخل غريبٌ فيظنَّه بعدُ في الصَّلاة فيقتدي به.
قلت: لكن ظاهر حديث البراء بن عازبٍ الثابت في «صحيح مسلمٍ»: ((رمقتُ الصَّلاة مع محمَّدٍ صلعم، فوجدتُ قِيامَهُ فركعته، فاعتدالهُ بعدَ رُكُوعه، فسجدتُهُ، فَجَلْستهُ بين السجدتين، فسَجْدَتُهُ، فجَلْسَتُهُ ما بين التَّسِليمِ والانصراف قريبًا مِن السواء))، يُعطي أنَّه لم يكن يَثِب ساعة ما سلَّم بل كان يجلس بعد السلام جلسةً قريبةً من السجود وما قبله.
قال الشَّافعيُّ في «الأمِّ»: وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمام السَّلام قبلَ قيام الإمام، وإن أخَّر ذلك حتَّى ينصرفَ بعدَ الإمام أو معَه كان ذلك أحبَّ إليَّ.
وفي «الذخيرة»: إذا فرغ مِن صلاته أجمعوا أنَّه لا يمكثُ في مكانه مستَقْبِلَ القبلةِ، وجميع الصلوات في ذلك سواءٌ، فإن لم يكن بعدها تطوُّع إن شاء انحرف عن يمينه أو يساره أو ذهب في حاجته، وإن شاء استقبل النَّاس بوجهه إذا لم يكن أمامَه من يصلِّي، وإن كان بعد الصَّلاة سننٌ يقوم إليها_وبه نقول_ ويُكره تأخيرها عن أداء الفريضة فيتقدَّم أو يتأخَّر، أو ينحرف يمينًا أو شمالًا، أو يذهب إلى بيته فبه. وعن الحلوانيِّ مِن الحنفيَّة جوازُ تأخير السُّنن بعد المكتوبة، والنصُّ: إنَّ التأخير مكروهٌ. ويدعو في الفجر والعصر لأنَّه لا صلاة بعدها، فجعل الدُّعاءَ بَدَل الصلاة، ويُستحبُّ أن يدعو بعد السلام.
فرع: إذا أراد الإمام أن يَنْفَتِل في المحراب ويقبلَ على الناس للذِّكْر والدعاء جاز أن ينفتلَ كيف شاء، وأمَّا الأفضل فأن يجعل يمينه إليهم ويساره إلى المحراب، وقيل عكسه، وبه قال أبو حنيفة.
وقال الإمام: إن لم يصحَّ حديثٌ تخيَّر.
قلت: وصحَّ بالأوَّل، ففي مسلمٍ من حديث البراء قال: ((كنَّا إذا صلَّينا خلفَ النبيِّ صلعم أحببنا أن نكونَ عن يمينه يُقْبِل علينا بوجهه، فسمعْتُهُ يقول: ربِّ قِني عَذَابك يومَ تَبْعثُ_أو تَجْمَعُ_ عِبَادك)).
وفي «فوائد الرِّحلة» للشيخ تقيِّ الدِّين بن الصلاح عن «المدخل» لزاهرٍ السَّرخسيِّ أنَّ الإمام إذا سلَّم من الظهر أو المغرب أو العشاء قام ليركع السنَّة إمَّا عن يمينه أو عن شماله، وإن سلَّم مِن الصبح أو العصر أقبل بوجهه على الناس.
فصلٌ: وفي الحديث أيضًا وجوبُ غضِّ البصر، ومُكْثُ الإمام في موضعه لعلَّةٍ _وقد علمتَ ما فيه_ ومُكثُ القوم في أماكنهم.