التوضيح لشرح الجامع البخاري

حديث: ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى

          603- الحديث الأوَّل: حديث أنسٍ: (ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقوسَ، وَذَكَرُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارى، فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ).
          وقد أخرجه مسلمٌ أيضًا وباقي السِّتَّة، وذكره البخاريُّ أيضًا في ذكر بني إسرائيلَ كما ستعلمه إن شاء الله [خ¦3457]، وفي لفظٍ له ذكره قريبًا: قَالَ إسماعيلُ بن إبراهيمَ: فذكرته لأيُّوبَ فقال: إلَّا الإقامة.
          وفي «صحيح ابن مَنده» هذه اللَّفظةُ مِن قول أيُّوب، هكذا رواه ابن المَدينيِّ عن ابن عُلَيَّةَ، فأدرجها سُلَيمان عن حمَّادٍ أي: كما سيأتي في الباب بعدَه [خ¦605]. ورواه غير واحدٍ عن حمَّادٍ، ولم يذكروا هذه اللفظة. وفي النَّسائيِّ أنَّ الآمر بذلك هو رَسُولُ الله صلعم، وهو يُرجِّح أنَّ هذه الصيغة وهي: (أُمِرَ) مقتضية للرَّفع، وهو الأصحُّ. وصحَّحها ابن حِبَّان والحاكم.
          والمراد: معظم الأذان شفعٌ؛ وإلَّا فالتكبير في أوَّله أربعٌ، ولا إله إلا الله في آخره مرَّةٌ، وكذلك المراد بالوتر: معظم الإقامة؛ وإلَّا فلفظُ الإقامة والتَّكبير في أوَّله مثنًّى، ولهذا استثنى لفظ الإقامةِ مِن قوله: (وَيُوْتِرُ الْإِقَامَةَ إِلَّا الْإِقَامَةَ) كما تقدَّم. وإنَّما لم يستثنِ التَّكبير لأنَّه على نصف لفظه في الأذان فكأنَّه وِترٌ.
          وحاصل مذهبنا أنَّ الأذان تسعَ عشرةَ كلمةً بإثبات التَّرجيع، والإقامةَ إحدى عشرة، وأسقط مالكٌ تربيع التَّكبير في أوَّله وجعله مثنًّى، وجعل الإقامة عشرةً بإفراد كلمة الإقامة. وَقَالَ أبو حنيفةَ: هو خمسَ عشرةَ بإسقاط التَّرجيع، وزاد في الإقامة كلمة الإقامة. وحُكي عن أحمدَ أنه لا يُرجِّع.
          ثمَّ المشهور عندنا سُنِّيَّة الأذان والإقامة، وبه قَالَ مالكٌ وأبو حنيفةَ، وعن مالكٍ: تجب في الجماعة. وَقَالَ عطاءٌ ومجاهدٌ وداودُ: هو فرضٌ. وَقَالَ أحمدُ: إنَّه فرض كفايةٍ. وَقَالَ ابن المُنذرِ: هو فرضٌ في حقِّ الجماعة في السَّفر والحضر.