التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة

          ░92▒ بَابُ رَفْعِ البَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلاَةِ.
          750- ذكر فيه حديث أنسِ بن مالكٍ: عن عَليِّ بنِ عَبدِ اللهِ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: قَالَ رسول الله صلعم: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي صَلاَتِهِمْ، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ: لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ).
          هذا الحديث من أفراد البخاريِّ عن مسلمٍ.
          قال عليُّ بن المدينيِّ في «علله الكبير» وعبد الله بن أحمد عن أبيه: حدَّثنا قريش بن أنسٍ قال: حلف لي سعيد بن أبي عَروبة: بالله ما كتبت عن قَتَادة شيئًا إلَّا أنَّ أبا معشر كتب إليَّ أن أكتب له من تفسير قتادة. وأخرجه مسلمٌ منفرِدًا به من حديث جابر بن سَمُرة وأبي هريرة.
          وفي البيهقيِّ من حديث محمَّد بن سِيْرين عن أبي هريرة أنَّ قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:2] نزلت في ذلك، ثمَّ قال: والصحيح إرساله، وصحَّح شيخه الحاكم اتَّصاله على شرط الشيخين. والإجماع قائمٌ على العمل بمقتضى الحديث، وأنَّه يُكره رفعَ بَصَره إلى السماء.
          وقال شُرَيحٌ لرجلٍ رآه يرفع بصره ويده إلى السماء: اكْفُفْ يدك واخْفِضْ بصرك فإنَّك لن تَرَاه ولن تناله.
          واختلفوا في رفعه في الدعاء خارج الصلاة، كما قال القاضي، فكرهه شُرَيحٌ كما ذكرناه وآخرون.
          وذكر الطَّبريُّ عن إبراهيم التيميِّ أنَّه قال: كان يُكره أن يَرْفعَ الرجل بَصَره إلى السماء في الدعاء. يعني: في غير الصلاة. وجوَّزه الأكثرون وقالوا: إنَّ السماءَ قِبلةُ الدعاء كما أنَّ الكعبة قبلة الصلاة، فلا يُنكر رفعُ البصر إليها كما لا يُكره رفعُ اليد. قال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات:22].
          وقال ابن حزمٍ: لا يحلُّ ذلك، وبه قال طائفةٌ من السلف، قال: والعجبُ ممَّن يجيز صلاةَ من تعمَّد في صلاته عملًا صحَّ النصُّ بتحريمه عليه وشدَّة الوعيد.