التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب سنة الجلوس في التشهد

          ░145▒ بَابُ سُنَّةِ الجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ
          وَكَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: تَجْلِسُ فِي صَلاَتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ وَكَانَتْ فَقِيهَةً.
          وهذا الأثر رواه ابن أبي شيبة، عن وكيعٍ، عن ثورٍ، عن مكحولٍ أنَّ أمَّ الدرداء كان تجلس في الصلاة بِجلْسة الرجل.
          وقوله: (وَكَانَتْ فَقِيهَةً) الظَّاهر أنَّه من قول البخاريِّ، وكان أنسٌ أيضًا يقول ذلك، وبه قال النخعيُّ، ومالكٌ. ورُوي عن مالكٍ أنَّها تجلس على وركها الأيسر، وتضع فخذها الأيمن على الأيسر وتضمُّ بعضها إلى بعضٍ قَدْرَ طاقتها، ولا تفرِّج في ركوعٍ ولا سجودٍ ولا جلوسٍ بخلاف الرَّجل.
          وقالت طائفةٌ: تجلس كيف شاءت إذا تجمَّعت، منهم عطاءٌ والشعبيُّ والحنفيُّون والشافعيُّون، وكانت صفيَّة تُصلِّي متربِّعةً، ونساءُ ابن عمر كنَّ يفعلنه.
          وقال بعض السلف: كنَّ النساء يُؤمرنَ أن يَتَربَّعنَ إذا جَلَسْنَ في الصلاة ولا يجلسنَ جلوس الرجال على أوراكهنَّ فيتقى أن يكون منهنَّ الشيء. وقال الشعبيُّ تجلس كيف تيسَّر. وقاله حمَّاد وعطاء، ذكره ابن أبي شيبة.
          وأمُّ الدرداء اسمها: هُجَيمة. وقيل: جُهَيمة. وقيل: جمانة بنت حييٍّ الوَصَّابيَّة، وهي الصغرى، حَجَّت سنةَ إحدى وثمانين، خطَبَهَا معاوية، لا صحبة لها.
          أمَّا أمُّ الدرداء الكبرى فهي خَيرة بنت أبي حَدردٍ الأسلميِّ، نزلت الشام وتوفيِّت في إمرة عثمان.
          والجِلْسَةُ _بكسر الجيم_ الحالة التي يكون عليها الجالس. قال ابن التين: وكذا رُوِّيناه.