التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من قام إلى جنب الإمام لعلة

          ░47▒ باب مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ.
          683- ذكر فيه حديث عائشةَ قَالَتْ: (أَمَرَ رَسولُ اللهِ صلعم أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ...) الحديثَ.
          وقد سلف [خ¦664]، وأخرجه مسلمٌ أيضًا، ولا شكَّ أنَّ سنَّة الإمامة تقديم الإمام وتأخُّر النَّاس عنه. قَالَ ابن بطَّالٍ: ولا يجوز أن يكون أحدٌ مع الإمام في صفٍّ إلَّا في موضعين:
          أحدهما: العلَّة التي في هذا الحديث وما كان في معناها، مثل أن يضيق الموضع فلا يقدر على التقدُّم فيكون معهم في صفٍّ، ومثل العُراة أيضًا إذا أُمِن أن يرى بعضهم بعضًا.
          والثاني: أن يكون رجلٌ واحد مع الإمام، فإنَّه يصلِّي على يمينه في الصَّفِّ معه، كما فعل النَّبِيُّ صلعم بابن عبَّاسٍ إذ أداره مِن خلفه إلى يمينه، فإنْ صلَّى الإمام في صفِّ المأمومين لغير عذرٍ فقد أساء وخالف سنَّة الإمامة، وصلاته تامَّة. وفيما ذكره مِن الإساءة نظر.
          وَقَالَ الطَّبريُّ: إنَّما أقام النَّبِيُّ صلعم أبا بكرٍ إلى جنبه ليُعلِم النَّاسَ تكبيرَ ركوعه وسجوده؛ إذ كان صلعم قاعدًا، وفي القوم ممَّن يصلِّي بصلاته ممَّن لا يراه ولا يعلم ركوعَه ولا سجوده، فبان أنَّ للأئمَّة إذا كانوا بحيث لا يراهم مَن يأتمُّ بهم أن يجعلوا بينهم وبين مَن يأتمُّ بهم علَمًا يُعلمون بتكبيره وركوعه تكبيرهم وركوعهم، وأنَّ لمَن لا يرى الإمام أن يركع بركوع المؤتمِّ به ويسجد بسجوده، وأنَّ ذلك لا يضرُّه، ويجزئه أن لا يرى الإمام في كلِّ ذلك إذا رأى مَنْ يصلي بصلاته.
          وقوله: (فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَأْخَرَ) دليلٌ واضحٌ أنَّه لم يكن عنده مستنكرًا أنْ يتقدَّم الرَّجل عن مقامه الَّذي قام فيه في صلاته ويتأخَّر، وذلك عملٌ في الصَّلاة من غيرها، فلمَّا كان نظير ذلك يفعله فاعلٌ في صلاته لأمرٍ دعاه إليه فذلك جائزٌ.