التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الكلام إذا أقيمت الصلاة

          ░28▒ باب الكَلاَمِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ.
          643- ذكر فيه حديث حُمَيدٍ قَالَ: سَأَلْتُ ثَابِتًا البُنَانِيَّ عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَّلاَةُ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مالكٍ قَالَ: (أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَعَرَضَ لِلنَّبِيِّ صلعم رَجُلٌ فَحَبَسَهُ بَعْدَ مَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ).
          الحديث دالٌّ على ما ترجم له، وهو جواز الكلام بعد الإقامة، وقد اختلف العلماء فيه، فأجازه الحسن البصريُّ وفعله عمرُ ☺، وكرهه النَّخَعيُّ والزُّهريُّ، والحديث حجَّة عليهما.
          ونقل ابن التِّين عن الكوفيِّين منع الكلام بعدها وهو مردودٌ أيضًا، وفيه أيضًا ردٌّ لقول الكوفيِّين: إنَّ المؤذِّن إذا أخذ في الإقامة وَقَالَ: قد قامت الصَّلاةُ، وجب على الإمام التَّكبير، وعمَلُ / الخلفاء الرَّاشدين على التَّكبير بعد الأمر بتسوية الصُّفوف، وبه قَالَ مالكٌ وأهل الحجاز ومحمَّد بن الحسن.
          وفيه أيضًا: أنَّ اتصال الإقامة بالصَّلاة ليس شرطًا في إقامتها. نعم قَالَ مالكٌ: إذا بعُدت الإقامة مِن الإحرام رأيت أن تُعاد الإقامة استحسانًا لأنَّ فعل الشَّارع في هذا الحديث يدلُّ أنَّه ليس بلازمٍ، وإنَّما ذلك عند الحاجة الَّتي يُخاف فوتها مِن أمر المسلمين. قلت: وأبعد مَن قَالَ: لعلَّه دخل في الصَّلاة بقرب الإقامة، فالحديث يردُّه، وكذا مَن قَالَ: لعلَّه أعاد الإقامة، والظَّاهر أنَّ هذه الحاجة عرضت بعد الإقامة فتداركها خوف فوتها.
          وفيه: تناجي الاثنين دون الجماعة، وإنَّما الممنوع تناجي اثنين دون واحدٍ.
          وفي التِّرمذيِّ مِن حديث أنسٍ: ((كان ◙ ينزلُ عن المنبرِ، فيعرِضُ له الرَّجُلُ فيكلِّمُه فيقومُ معه حَتَّى تُقضى حاجته، ثمَّ يتقدَّمُ إلى مُصلَّاه، فيصلِّي)) ثمَّ استغربه وَقَالَ عن البخاريِّ: وهِم جريرٌ فيه. وَقَالَ أبو داود: الحديث ليس بمعروفٍ. وخالف الحاكم فقال: صحيحٌ على شرط الشَّيخين ولم يخرِّجاه.
          فائدة: (عَرَضَ لَهُ) كذا يعرِضُ، أي: ظهر، وعرض العودَ على الإناء والسَّيفَ على فخذه يعرِضه ويعرُضه.