التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: القراءة فِي الركوع والسجود

          باب: القِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. /
          هذا الباب في بعض نُسَخ البخاريِّ ولم يذكر فيه حديثًا، وكأنَّه بيَّضَ له لِمَا لعلَّه يجده على شرطه فلم يجده، وذكره ابن بطَّالٍ مع الترجمة الآتية بعد ذلك، واعترض فقال: تَرجم لذلك ولم يذكر فيه حديثًا، لجواز ذلك ولا منعِهِ، وتبعه ابن المنيِّر فقال: وضعَهَا ليذكرَ فيها حديثًا بالإجازة أو المنع، ثمَّ عَرَضَ له مانعٌ مِن ذلك وبقيت الترجمة بلا حديثٍ يطابقُهَا.
          قلتُ: وفي أفراد مسلمٍ حديث عليٍّ قال: ((نَهَاني رسولُ اللهِ صلعم عن قِراءةِ القُرآن وأَنَا راكعٌ أو ساجدٌ)). وفي لفظٍ له: ((نَهَاني عن القِراءةِ في الركُوعِ والسُّجُود)). وفي لفظٍ: ((ولا أقولُ: نَهَاكُم))، وحديث ابن عبَّاسٍ: ((قال: نُهِيت أن أقرأَ وأنا راكعٌ)).
          واتَّفق فقهاء الأمصار على القول بهذا الحديث، وخالفه قومٌ من السَّلف فأجازوه. قال عمرو بن ميمونٍ: سمعتُ أخي سليمان بن ربيعة وهو ساجدٌ وهو يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. ما لو شاء رجلٌ أن يذهب إلى أهله يتوضَّأ ثمَّ يجيء وهو ساجدٌ لفعل. وقال عطاءٌ: رأيتُ عُبَيد بن عُمَيرٍ يقرأ وهو راكعٌ في المكتوبة. وأجازه الربيع بن خُيثمٍ، وقال النخعيُّ في الرجل ينسى الآية فيذكرُهَا وهو راكعٌ قال: يقرأ وهو راكعٌ. وعندنا لو فعل ذلك كُره ولم تبطل صلاته، وفي وجهٍ: تبطل، ولعلَّ من أجازه لم يبلغه الحديث، أو بلغه فلم يصحِّحه، ورأوا القراءة حسنةً في كلِّ حالٍ، والخبر صحَّ كما أسلفناه فلا ينبغي القراءة في ركوعه وسجوده من أجله، وعلى هذا جماعة أئمَّة الأمصار.