التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا

          ░21▒ باب مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، ومَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُوا.
          قَالَهُ أَبُو قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم.
          636- قد عرفته آنفًا [خ¦635]. ثمَّ ساق حديث أبي هُريرة، عَنِ النَّبِيِّ صلعم: (إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إلى الصَّلاَةِ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَة وَالْوَقَار وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، ومَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا).
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ والأربعة، ويأتي في المشي إلى الجمعة أيضًا [خ¦908].
          قَالَ التِّرمذيُّ: وفي الباب أيضًا عن أُبيِّ بن كعبٍ وأبي سعيدٍ وزيد بن ثابتٍ وجابرٍ وأنسٍ.
          قَالَ ابن الجَوزيِّ: وأكثر الرواة على: (فأتمُّوا)، منهم ابن مسعودٍ وأبو قَتادة وأنسٌ، وأكثر طريقِ أبي هُريرة: (فأتمُّوا).
          قلت: ورواية: ((وما فاتكم فاقضُوا)) رواها أحمد مِن حديث ابن عُيَينة عن الزُّهريِّ، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هُريرة مرفوعًا. قَالَ مسلمٌ في «التمييز»: لا أعلم هذه اللَّفظة رواها عن الزُّهريِّ غير سفيان بن عُيَينة، وأخطأ في هذه اللَّفظة. قَالَ البيهقيُّ: والَّذين قالوا: (فأتمُّوا) أكثر وأحفظ وألزم لأبي هُريرة، فهو أولى. قلت: وقد تابع سفيان ابن أبي ذئبٍ / كما رواه أبو نُعَيمٍ في «مستخرجه».
          والقضاء لغةً: الفعل، كما قَالَ تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} [النساء:102]، وما أدركه المسبوق أوَّلُ صلاته عند الشَّافعيِّ خلافًا للثَّلاثة، فيعيد في الباقي القنوت لكن يقرأ السورة فيما يأتي به، وقيل: أوَّل صلاته بالنِّسبة إلى الأفعال فيبني عليها، وآخرها بالنِّسبة إلى الأقوال فيقضيها. والمسألة خلافيَّة للسَّلف أيضًا مِن الصَّحابة والتابعين، ووافق الخصم على أنَّه إذا أدرك ركعةً مِن المغرب يتشهَّد في الثانية، وهو دالٌّ على أنَّ ما أدركه أوَّلُ صلاته.
          وابن رُشدٍ بناه على الخلاف وجمع بين السَّكينة الوَقار إمَّا مِن باب التأكيد، أو أنَّ السَّكينة: التأنِّي في الحركات كما سلف، والوقار: في الهيئة وغضِّ البصر وخفض الصَّوت والإقبال على طريقه بغير التفاتٍ ونحوه.