التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين

          ░86▒ باب رَفْعِ اليَدَيْنِ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ.
          739- ذكر فيه حديث نافعٍ عن ابن عمرَ، كما سلف [خ¦736]، وفي آخره: (وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ). وَيَرْفَعُ ذلك ابن عُمَرَ إلى رَسُولِ اللهِ صلعم. ثمَّ قَالَ: ورَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلعم. وَرَوَاهُ ابن طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مُخْتَصَرًا.
          حديث نافعٍ عن ابن عمرَ، قَالَ أبو داودَ: الصَّحيح قولُ ابن عمر ليس بمرفوعٍ. وَقَالَ الدَّارقُطنيُّ: الأشبه الرَّفع. وحديث حمَّادٍ أسنده البيهقيُّ مِن طريق عفَّان عنه. وقيل: عن حمَّادِ بن زيدٍ وإنَّما أراد ابن سلَمة، والصَّحيح عن حمَّاد بن زيدٍ وقفُه. وحديث إبراهيم أسنده البيهقيُّ، وكذا حديث موسى بن عُقبة. واعترض الإسماعيليُّ فقَالَ: هذا الباب هو في رفع اليدين إذا قام مِن الرَّكعتين، وليس هذا في حديث حمَّادٍ ولا ابن طَهْمانَ وإنَّما في حديثهما حذو مَنكِبَيه، ولعلَّ المحدِّث عن أبي عبد الله دخل له هذا الحرفُ في هذه التَّرجمة.
          أمَّا فقه الباب وهو الرَّفع إذا قام من التَّشهد الأوَّل، فقال به جماعاتٌ: ابن المُنذر وأبو عليٍّ الطَّبَريُّ والبيهقيُّ والبَغويُّ فيه وفي «شرح السُّنَّة» وغيرهم، وهو مذهب البخاريِّ وغيره من المحدِّثين، ودليله ما أورده البخاريُّ، وحديثُ أبي حُمَيدٍ في عشَرةٍ مِن أصحاب رَسُولِ الله صلعم منهم أبو قَتادة أنَّه وصف صلاة رَسُولِ الله صلعم، وقَالَ فيها: ((وإذا قام من الرَّكعتين كبَّر ورفعَ يديه)) رواه أبو داود والتِّرمذيُّ وَقَالَ: حسنٌ صحيحٌ، وحديث عليٍّ مثله أخرجه البخاريُّ في كتابه «رفع اليدين» وأبو داود وابن ماجه والتِّرمذيُّ وَقَالَ: حسنٌ صحيحٌ.
          قَالَ البخاريُّ في كتابه «رفع اليدين»: فما زاد عليٌّ وأبو حُمَيدٍ في عشَرةٍ مِن الصَّحابة _يعني: وابن عمر_: ((أنَّ النَّبِيَّ صلعم كان يرفع يديه إذا قام مِن الركعتين)) كلُّه صحيحٌ؛ لأنَّهم لم يحكوا صلاةً واحدةً فتختلف رواياتهم فيها بعينها مع أنَّه لا اختلافَ في ذلك، وإنما زاد بعضهم على بعضٍ، والزيادة مقبولةٌ مِن أهل العلم. وَقَالَ البيهقيُّ في «المعرفة»: قَالَ الشَّافعيُّ في حديث أبي حُمَيدٍ: وبهذا نقول، ومذهبه متابعة السُّنَّة. وقول أبي حامدٍ في «التعليق»: انعقد الإجماع على أنَّه لا يرفع فيه، قَالَ: واستدلَلنا بالإجماع على نسخ الحديث، لا يُقبل منه. فظهر القول باستحبابه.