التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة

          ░122▒ بَابُ أَمْرِ النَّبِيِّ صلعم الَّذِي لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ بِالإِعَادَةِ.
          793- ذكر فيه حديث أبي هريرة وقد سلف في باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، [خ¦757] واستدلَّ به جماعة من الفقهاء فقالوا: الطمأنينة في الركوع والسجود فرضٌ لا تُجْزِئ الصَّلاة إلَّا بها، ألا ترى أنَّه صلعم قال له: ((ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)) ثمَّ علَّمه الصلاة وأمره بالطمأنينة. واستدلَّ ابن أبي صُفرَة لمن نفاها بأنَّه ╕ أمر هذا الرجل حين لم يكمل الركوع والسجود بالإعادة، ولم يأمر من نقص الركوع والسجود بالإعادة حين قال لهم: ((إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي))، فدلَّ ذلك مِن فعله أنَّ الطمأنينة لو كانت فريضةً لبيَّن لهم ذلك، والدليل على صحَّة ذلك أنَّه ╕ لمَّا أَمَر المسيءَ صلاتَه بالإعادة مرَّةً بعد أخرى ولم يُحْسِن، قال له: واللهِ ما أُحسن غير هذا فعلِّمني. فوصف له هيئة الصلاة ولم يأمره أن يعيد الصلاة التي نقصها مرَّةً أخرى على الصفة التي علَّمه، ولم يقل له: لا تُجْزِئك حتَّى تصلِّي هذه الصلاة، وإنَّما علَّمه كيف يصلِّي فيما يَسْتقبل.
          واحتجَّ من نفاها أيضًا بحديث رِفَاعة بن رافعٍ في تعليم المسيء صلاته أنَّه ╕ قال له: ((ثمَّ ارفعْ فاعْتَدِلْ قائمًا))، وذكر الحديث، قال: ((إذا صلَّيتَ على هَذَا فقد أَتممتَها، وما انتقصتَ من ذلك فإنَّما تَنْقُص من صَلاتِكَ))، فجعْلُها ناقصةً يدلُّ على الجواز، ويؤيِّد من أوجب: الحديث السالف في باب إذا لم يتمَّ الركوع: ((لا تُجْزِئ صَلاةٌ لا يُقِيم الرَّجُل فيها صُلْبه في الرُّكُوع والسُّجُود)) [خ¦791]. وقوله: ((صلُّوا كما رَأَيتمُوني أُصَلِّي)).
          والقول بما ثبت عنه ╕ وتلقَّاه الجمهور بالقبول أولى من كلِّ ما خالفه، وقد قال ╕: ((جُعل رِزقي تحتَ ظلِّ رِمحي، وجُعل الذِّلُّ والصَّغار عَلَى مَن خالفَ أَمْري))، وكفى بهذا شدَّةً ومخافةً، ورسول الله صلعم هو المبيِّن عن الله تعالى قولًا وفعلًا.