-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
حديث: ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى
-
حديث: كانَ المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون
-
باب الأذان مثنى مثنى
-
باب الإقامة واحدة إلا قوله: قد قامت الصلاة
-
باب فضل التأذين
-
باب رفع الصوت بالنداء
-
باب ما يحقن بالأذان من الدماء
-
باب ما يقول إذا سمع المنادي
-
باب الدعاء عند النداء
-
باب الاستهام في الأذان
-
باب الكلام في الأذان
-
باب أذان الأعمى إذا كانَ له من يخبره
-
باب الأذان بعد الفجر
-
باب الأذان قبل الفجر
-
باب كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر الإقامة
-
باب من انتظر الإقامة
-
باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء
-
باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد
-
باب الأذان للمسافر إذا كانَوا جماعة والإقامة
-
باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا؟وهل يلتفت في الأذان؟
-
باب قول الرجل فاتتنا الصلاة
-
باب: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
-
باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة
-
باب: هل يخرج من المسجد لعلة؟
-
باب: إذا قال الإمام: مكانَكم حتى إذا رجع انتظروه
-
باب قول الرجل: ما صلينا
-
باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة
-
باب الكلام إذا أقيمت الصلاة
-
باب وجوب صلاة الجماعة
-
باب فضل صلاة الجماعة
-
باب فضل صلاة الفجر في جماعة
-
باب فضل التهجير إلى الظهر
-
باب احتساب الآثار
-
باب فضل صلاة العشاء في الجماعة
-
باب اثنان فما فوقهما جماعة
-
باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد
-
باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح
-
باب: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
-
باب حد المريض أن يشهد الجماعة
-
باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلى في رحله
-
بابٌ: هل يصلي الإمام بمن حضر؟
-
باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة
-
باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل
-
باب من كانَ في حاجة أهله فأقيمت الصلاة فخرج
-
باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي
-
باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة
-
باب من قام إلى جنب الإمام لعلة
-
باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول
-
باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم
-
باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم
-
باب إنما جعل الإمام ليؤتم به
-
باب متى يسجد من خلف الإمام
-
باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام
-
باب إمامة العبد والمولى
-
باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه
-
باب إمامة المفتون والمبتدع
-
باب: يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً إذا كانَا اثنين
-
باب: إذا طول الإمام وكانَ للرجل حاجة فخرج فصلى
-
باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود
-
باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء
-
باب من شكا إمامه إذا طول
-
باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي
-
باب: إذا صلى ثم أم قومًا
-
باب من أسمع الناس تكبير الإمام
-
باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟
-
باب: إذا بكى الإمام في الصلاة
-
باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها
-
باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف
-
باب الصف الأول
-
باب إقامة الصف من تمام الصلاة
-
باب إثم من لم يتم الصفوف
-
باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف
-
باب: إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه
-
باب المرأة وحدها تكون صفًا
-
باب ميمنة المسجد والإمام
-
باب إذا كانَ بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة
-
باب صلاة الليل
-
باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة
-
باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء
-
باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع
-
باب: إلى أين يرفع يديه؟
-
باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين
-
باب وضع اليمنى على اليسرى
-
باب الخشوع في الصلاة
-
باب ما يقول بعد التكبير
-
باب
-
باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة
-
باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة
-
باب الالتفات في الصلاة
-
باب: هل يلتفت لأمر ينزل به أو يرى شيئًا أو بصاقًا في القبلة
-
باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها
-
باب القراءة في الظهر
-
باب القراءة في العصر
-
باب القراءة في المغرب
-
باب الجهر في المغرب
-
باب الجهر في العشاء
-
باب القراءة في العشاء بالسجدة
-
باب القراءة في العشاء
-
باب يطول في الأوليين ويحذف في الأخريين
-
باب القراءة في الفجر
-
باب الجهر بقراءة صلاة الفجر
-
باب الجمع بين السورتين في الركعة
-
باب: يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب
-
باب فضل التأمين
-
باب جهر المأموم بالتأمين
-
باب: إذا ركع دون الصف
-
باب إتمام التكبير في الركوع
-
باب إتمام التكبير في السجود
-
باب إذا لم يتم الركوع
-
باب استواء الظهر في الركوع
-
باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه والاطمأنينة
-
باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة
-
باب الدعاء في الركوع
-
باب: القراءة فِي الركوع والسجود
-
باب ما يقول الإمام ومن خلفه إذا رفع رأسه من الركوع
-
باب فضل اللهم ربنا لك الحمد
-
باب
-
باب الاطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع
-
باب: يهوي بالتكبير حين يسجد
-
باب فضل السجود
-
باب: يبدى ضبعيه ويجافى في السجود
-
باب يستقبل بأطراف رجليه القبلة
-
باب إذا لم يتم السجود.
-
باب السجود على سبعة أعظم
-
باب السجود على الأنف والسجود على الطين
-
باب عقد الثياب وشدها
-
باب التسبيح والدعاء في السجود
-
باب المكث بين السجدتين
-
باب: لا يفترش ذراعيه في السجود
-
باب: من استوى قاعدًا في وتر من صلاته ثم نهض
-
باب: كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة
-
باب: يكبر وهو ينهض من السجدتين
-
باب سنة الجلوس في التشهد
-
باب من لم ير التشهد الأول واجبًا لأن النبي قام من الركعتين
-
باب التشهد في الأولى
-
باب الدعاء قبل السلام
-
باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى
-
باب التسليم
-
باب: يسلم حين يسلم الإمام
-
باب من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة
-
باب الذكر بعد الصلاة
-
باب: يستقبل الإمام الناس إذا سلم
-
باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام
-
باب من صلى بالناس فذكر حاجة فتخطاهم
-
باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال
-
باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث
-
باب وضوء الصبيان
-
باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس
-
باب صلاة النساء خلف الرجال
-
باب انتظار الناس قيام الإمام العالم
-
باب سرعة انصراف النساء من الصبح وقلة مقامهن في المسجد
-
باب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد
-
حديث: ذكروا النار والناقوس فذكروا اليهود والنصارى
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░48▒ باب مَنْ دَخَل لِيَؤُمَّ النَّاسَ فَجَاءَ الإِمَامُ الأَوَّلُ فَتَأَخَّرَ الأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ، جَازَتْ صَلاَتُهُ.
684- فِيهِ: عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلعم.
قلت: تقدَّم في صلاته ◙ في مرضه [خ¦683]، ثمَّ ساق حديث سهلِ بن سعدٍ السَّاعديِّ: (أَنَّ رَسُولَ صلعم ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ...) إلى آخره.
والكلام عليه مِن وجوهٍ:
أحدها: هذا الحديث أخرجه البخاريُّ في سبعة مواضعَ هنا، وثلاثةٍ في الصَّلاة فيما يجوز مِن التَّسبيح والحمد للرَّجال، ورفع الأيدي فيها لأمرٍ ينزل به، والإشارة فيها، والسَّهو والصُّلح والأحكام، وأخرجه مسلمٌ أيضًا.
ثانيها: بنو (عمرو بن عوفٍ) مِن ولد مالك بن الأَوس مِن الأنصار وكانوا بقُباءٍ فصلَّى ◙ الظُّهر ثمَّ أتاهم ليصلح بينهم، وكان بينهم شرٌّ وقتالٌ وترامَوا بالحجارة، فحُبِسَ وحانت الصَّلاة.
ثالثها: فيه ذهاب الإمام للإصلاح بين رعاياه لئلَّا يختلفوا فيفسد حالهم، وفضل الإصلاح بين النَّاس.
رابعها: قوله: (فَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ المُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ) هو بلالٌ إذ في أبي داودَ فقال _يعني ◙_ لبلالٍ: ((إن حضَرَتْ صلاة العصر ولم آتك فمُر أبا بكرٍ فليصلِّ بالنَّاس، فلمَّا حضرت العصر أذَّن بلالٌ ثمَّ أقام، ثمَّ أمر أبا بكرٍ فتقدَّم)) وفي هذه الرِّواية بيان أنَّ هذِه الصَّلاة هي العصر، وقدْ جاء أيضًا ذلك في بعض طرقه.
خامسها: قوله: (فَقَالَ: أَتُصَلِّي لِلنَّاسِ فَأُقِيمَ؟) فيه سبع فوائدَ:
الأولى: تقديم غير الإمام إذا تأخَّر ولم يُخف فتنةٌ وإنكارٌ مِن الإمام، وتقديم النَّاس لأنفسهم إذا غاب.
الثانية: تقديم الأصلح والأفضل. الثالثة: عرض المؤذِّن وغيره التقدُّم على الفاضل وموافقته. الرابعة: تفضيل الصِّدِّيق ☺؛ حيث قُدِّم وإشارته صلعم بالثَّبات على حاله. ذكره ابن الجَوزيِّ وابن التِّين والنَّوويُّ، وقد أفدناك أنَّ الشَّارع هو الَّذي قدَّمه. الخامسة: تفضيل الصَّلاة في أوَّل الوقت. وَقَالَ ابن التِّين: إنَّهم خافوا فوتَ الوقت، وظنَّوا أنَّه ◙ لا يأتيهم في الوقت، ففيه المحافظة على الأوقات. السادسة: أنَّ الإقامة لا تصحُّ إلَّا عند إرادة الدُّخول في الصَّلاة لقوله: أتصلِّي فأقيم؟. السَّابعة: أنَّ المؤذِّن هو الذي يقيم، وهذا هو السُّنَّة، فإن أقام غيره كان خلاف السُّنَّة، نعم يُعتدُّ بأذانه عند الجمهور.
سادسها: قوله: (فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلعم وَالنَّاسُ فِي الصَّلاَةِ) جاء في روايةٍ أخرى: أنَّه جاء بعد أن كبَّر الصدِّيقُ وكبَّر النَّاس، وخرق رَسُولُ الله صلعم ليصل إلى موضعه.
ففيه جواز فعل الإمام ذلك عند الحاجة إليه لخروجه لطهارةٍ أو رُعافٍ أو نحوهما، ورجوعه، وكذا / مَن احتاج مِن المأمومين إلى الخروج لعُذرٍ.
سابعها: قوله: (وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لاَ يَلْتَفِتُ) إنَّما كان لا يلتفت للنَّهي عنه في البخاريِّ كما سيأتي [خ¦751]. قَالَ ابن عبد البرِّ: وجمهور العلماء على أنَّ الالتفات لا يفسد الصَّلاة إذا كان يسيرًا.
قلت: وهذا إذا كان لا لحاجةٍ فإن كان فلا كراهة، وسيعقد البخاريُّ له بابًا ستعلمه بعدُ فيما سيأتي، وفي أبي داودَ مِن حديث سهل بن الحنظليَّة: ((فجعلَ رَسُولُ الله صلعم يصلِّي وهو يلتفتُ إلى الشِّعب، وكان أرسلَ إليه فارسًا)) قَالَ الحاكم: سنده صحيحٌ، وكذا التفاتُ الصدِّيق عند الإكثار مِن التَّصفيق ولم ينكره عليه.
ثامنها: رَفْعُ أبي بكرٍ يديه بحمد الله كان إشارةً منه لا كلامًا، كذا قَالَ ابن الجَوزيِّ، ويحتمل خلافه. قَالَ مالكٌ: مَن أُخبر في صلاته بسرورٍ فحمدَ الله تعالى لا يضرُّ صلاتَه، وله أن يتركه تواضعًا وشكرًا لله تعالى وللمنعم به، قَالَ ابن القاسم فيه: ومَن أُخبر بمصيبةٍ فاسترجع أو أُخبر بشيءٍ فقال: الحمد لله على كل حالٍ. قال الداوديُّ: وبنعمته تتمُّ الصَّالحات، لا يعجبني، وصلاته مجزئةٌ. قَالَ أشهب: إلَّا أن يريد بذلك قطع الصَّلاة.
قلت: ففيه شكرٌ لله تعالى على الوجاهة في الدِّين، وأنَّ ذلك مِن أعظم النِّعم، قَالَ تعالى في عيسى: {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [آل عمران:45].
وفيه جواز إعلام المصلِّي بما يسرُّه.
تاسعها: إنَّما لم يثبت أبو بكرٍ عند الإشارة إليه بالثبوت، وإن كان فيه مخالفةٌ لأنَّه فهم أنَّها إشارةُ تكريمٍ لا إلزام، ويدلُّ عليه شقُّ الشَّارع الصُّفوف حَتَّى خلص إليه، فلولا أنَّه أراد الإمامة لصلَّى حيث انتهى.
وقوله: (مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلعم) أي: لأنَّ الكبير شأنه التقدُّم، ويجوز أن يكون الصِّدِّيق خاف حدوث حادثٍ في الصَّلاة يغيِّر حكمًا، فلم يتولَّ الصلاة مع وجوده.
العاشر: قوله: (وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صلعم، فَصَلَّى) استدلَّ به أصحابنا على جواز اقتداء المصلِّي بمَن يُحرم بالصَّلاة بعدَه، فإنَّ الصِّدِّيق أحرم بالصَّلاة أوَّلًا ثمَّ اقتدى به حين أحرم بعده، وهو أظهر القولين عندنا، وفيه الصَّلاة بإمامين على التَّعاقب، وقدْ سلف. ونقل ابن بطَّالٍ عن الأكثرين المنع بغير عذرٍ، قَالَ ابن بطَّالٍ: لا أعلم مَن يقول: إنَّ مِن كبَّر قبل إمامه فصلاته تامَّةٌ إلَّا الشَّافعيَّ بناءً على مذهبه أنَّ صلاة المأموم غير مرتبطةٍ بصلاة الإمام، وسائر الفقهاء لا يجيزون صلاة مَن كبَّر قبل إمامه.
الحادي عشر: استنبط ابن بطَّالٍ وغيره جواز الاستخلاف مِن هذا الحديث، ووجهُه أنَّ الصِّدِّيق صار مأمومًا بعد أن كان إمامًا، وبنى القوم على صلاتهم، فكذا إذا خرج مِن الصَّلاة لسبق حدثٍ ونحوه يقدِّم رجلًا، وهو أظهر قولي الشَّافعيِّ، وبه قَالَ عمرُ وعليٌّ والحسن وعلقمة وعَطاءٌ والنَّخَعيُّ والثَّوريُّ ومالكٌ وأبو حَنيفة، وَقَالَ الشَّافعيُّ مرَّةً وأهل الظاهر: لا يستخلف، وادَّعى بعض المالكيَّة أنَّ تأخُّر الصِّدِّيق وتقدُّم الشَّارع مِن خواصِّه لأنَّهم كانوا تقدَّموه بالإحرام ولا يفعل ذلك بعدَه، وليس بظاهرٍ. وعن ابن القاسم في الإمام يُحدث فيستخلف ثمَّ ينصرف، فيأتي ثمَّ يخرج المستخلف ويتمُّ الأوَّل بالنَّاس أنَّ الصَّلاة تامَّةٌ، فإذا تمَّت الصَّلاة فينبغي أن يشير إليهم حَتَّى يتمَّ لنفسه، ثمَّ يسلِّم ويسلِّموا، فيجوز التقدُّم والتأخُّر في الصَّلاة.
قَالَ ابن بطَّالٍ: وهذا القول مطابقٌ للحديث وبه ترجم البخاريُّ، وأكثر الفقهاء لا يقولون ذلك لأنَّه لا يجوز عندهم الاستخلاف في الصَّلاة إلَّا لعذرٍ، وَقَالَ أوَّلًا: هذا الحديث ردٌّ على الشَّافعيِّ وأهل الظاهر في إنكارهم الاستخلاف. وقد عرفت أنَه قولٌ عندَه، وأنَّ أظهر قولَيه جوازه.
الثاني عشر: قوله: (مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ، فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ التُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ) وفي روايةٍ أخرى للبخاريِّ: ((فليقل: سبحانَ الله، فإنَّه لا يسمعُه أحدٌ حينَ يقولُ سبحانَ الله إلَّا التَفَتَ)).
(التَّصفيق): هو التَّصفيح _بالحاء_ سواءً صفَّق بيده أو صفَّح، وقيل: هو بالحاء الضَّرب بظاهر اليد إحداهما على باطن الأخرى، وقيل: بل بإصبعين مِن أحداهما على صفحة الأخرى، وهو الإنذار والتَّنبيه. وبالقاف: ضرب إحدى الصَّفحتين على الأخرى، وهما للهو وللَّعب. وَقَالَ أبو داود: قَالَ عيسى بن أيُّوب: التَّصفيح للنِّساء: ضربٌ بإصبعين مِن يمينها على كفِّها اليسرى، قال الداوديُّ: في بعض الروايات ((فصفَّح القوم وإنَّما التَّصفيح للنِّساء)) يحتمل أنهم ضربوا بأكفِّهم على أفخاذهم.
قلت: وإذا ضربت المرأة كان ببطن كفِّها الأيمن على ظهر كفِّها الأيسر، ولا تضرب بطن كفٍّ على كفٍّ على وجه اللَّعب واللهو، فإن فعلتْ ذلك على وجه اللَّعب بطلت صلاتها لمنافاة الصَّلاة، واحتجَّ به جماعة _كما قَالَ ابن التِّين_ مِن الحذَّاق على أبي حنيفةَ في قوله: إن سبَّح الرَّجل لغير إمامه لم تُجزِه صلاته.
ومذهب مالكٍ والشافعيِّ: إذا سبَّح لِأعمى خوف أن يقع في بئرٍ أو خوفًا مِن دابَّةٍ أو حيَّةٍ أنَّه جائزٌ.
وقال أصحاب أبي حَنيفة: إنَّ معنى قوله: (فَلْيُسَبِّحْ) أي: بإمامه إذا سهى لأنَّ سهو إمامه سهوٌ له، فأجاز له هذا لأنَّه مِن مصلحة الصَّلاة. وأجاب عنه بعضهم بأنَّ الخبر خرج على سببٍ كما سلف، فتصفيقهم ليُعلموا الصِّدِّيق بمجيئه ◙، وإنَّما كان السَّبب مع غير الإمام، وهذا لا يعود إلى الإمام، فما كان مثل هذا السَّبب جائزٌ، لكن قوله: (مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ) عامٌّ فيما كان مع الإمام وغيره.
وَقَالَ مالكٌ: إنَّما قَالَ ذلك على معنى العتب لِما فعل، أي: ذلك للنِّساء فهو ذمٌ للتَّصفيق، فالمرأة تُسبِّح كالرَّجل لقوله ◙: (مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ) ومَنْ تقع على الذكور والإناث. قالَ: والتَّصفيق منسوخٌ بقوله: (مَن نابَه شيءٌ في صلاتِه فليسبِّح) وأنكره بعضهم. وَقَالَ: لأنَّه لا يختلف / أنَّ أوَّل الحديث لا ينسخ آخره، ومذهب الشَّافعيِّ والأوزاعيِّ: تخصيصُ النِّساء بالتَّصفيق، وهو ظاهر الحديث.
وفي أبي داود: ((وَإذا نابكم شيءٌ في الصَّلاةِ فليسبِّحِ الرِّجالُ وليُصفِّحِ النِّساءُ)) وسيأتي في البخاريِّ في بابه من حديث أبي هُريرة [خ¦1203] وهو في مسلمٍ: ((التَّسبيحُ للرِّجالِ والتَّصفيقُ للنِّساءِ في الصَّلاةِ)).