التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الأذان قبل الفجر

          ░13▒ باب الأَذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ.
          621- 622- 623- ذكر فيه حديث ابن مسعودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ _أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ_ أَذَانُ بِلاَلٍ مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ _أَوْ يُنَادِي_ بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَليُنَبِّه نَائِمَكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الفَجْرُ _أَوِ الصُّبْحُ_ وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ ورَفَعَهَا إلى فَوْقُ وَطَأْطَأَ إِلَى أَسْفَلُ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا). وَقَالَ زُهَيْرٌ: بِسَبَّابَتَيْهِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الأُخْرَى، ثُمَّ مَدَّهُما عَنْ يَمِينِه وَشِمَالِهِ.
          وهذا الحديث أخرجه البخاريُّ في باب: الإشارة في الطَّلاق والأمور أيضًا: وأظهر يزيدُ بن زُرَيعٍ يديه ثمَّ مدَّ إحداهما مِن الأخرى، وفي باب إجازة خبر الواحد: ((وليس الفجر أن يقول هكذا))، وجمع يحيى أحد رواته كفَّيه حَتَّى يقول هكذا: ومدَّ يحيى إصبعيه السَّبَّابتين، وأخرجه مسلمٌ أيضًا. قَالَ ابن مَنده: وإسناده مجمعٌ على صحَّته، وفي مسلمٍ مِن حديث سمُرة مرفوعًا: ((لا يغرَّنَّكُم مِن سحُوركم أذانُ بلالٍ ولا بياضُ الأفُقِ المستطيلُ هكذا حَتَّى يستطيرَ هكذا)) وحكاه حمَّاد بن زيدٍ بيده، قَالَ: يعني معترضًا.
          وقوله: (لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ _أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ_) هذا الشَّكُّ مِن زهيرٍ أحد رواته، فإنَّ جماعةً روَوه عن سليمانَ التَّيميِّ فقال: ((لا يمنعنَّ أحدكُم أذانُ بلالٍ)) وصرَّح به الإسماعيليُّ.
          وقوله: (قَائِمَكُمْ) هو منصوبٌ مفعول يرجع، أي: يعلمكم أنَّ الفجر ليس ببعيدٍ، فيردَّ المجتهد إلى راحته لينام فينشط أو يوتر إن لم يكن أوتر، أو يتأهبَّ إلى الصُّبح إن احتاج إلى الطَّهارة أو نحو ذلك مِن مصالحه المترتِّبة على علمه بقرب الصُّبح.
          وقوله: (لِيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ) أي: ليتأهبَّ للصُّبح أيضًا.
          وقوله: (لَيْسَ الفَجْرُ، وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ) على اختلاف الألفاظ الَّتي سقناها يريد أنَّ الفجر فجران، كاذبٌ: لا يتعلَّق به حكمٌ، وهو الذي بيَّنه وأشار إليه أنَّه يطلع في السَّماء، ثمَّ يرتفع طرفه الأعلى وينخفض طرفه الأسفل وهو المستطيل، وصادقٌ: وهو الَّذي تتعلَّق به الأحكام، وهو الَّذي أشار بسبابتَيه واضعًا إحداهما على الأخرى، ثمَّ مدَّهما عن يمينه ويساره، وهذا إشارةٌ إلى أنَّه يطلع معترضًا، ثمَّ يعمُّ الأفق ذاهبًا فيه / عرضًا في ذيل السَّماء. و(يَسْتَطِيْرُ) أي: ينتشر بسرعةٍ. وأحكام الحديث سلفت فيما مضى.
          وفيه: أنَّ الإشارة نحوٌ مِن اللَّفظ. وَقَالَ المهلَّب: فيه أنَّ الإشارة تكون أقوى مِن الكلام. ثمَّ ساق البخاريُّ عن إسحاق، أخبرنا أبو أسامة، فذكر حديث عائشةَ وابن عُمر، ولم يسق لفظهما، ثمَّ ذكر حديث عائشةَ: ((إنَّ بلالًا يؤذِّنُ بليلٍ...)) الحديث. وسيأتي في الصَّوم والشَّهادات أيضًا [خ¦1918] [خ¦2656]، وأخرجه مسلمٌ.
          قَالَ الجيَّانيُّ: وإسحاقُ هذا يحتمل أن يكون الحَنظليَّ أو ابن منصورٍ أو ابن نصرٍ السَّعديَّ، فإنَّ البخاريَّ روى عنهم في مواضعَ متفرِّقةٍ، وجزم المِزِّيُّ في «أطرافه» بالأوَّل، وبخطِّ الدِّمياطيِّ في «صحيح البخاريِّ»: حدَّثنا إسحاق الواسطيُّ، وفي حاشيةٍ: إذا كان الواسطيُّ فهو ابن شاهين.