التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الجهر في العشاء

          ░100▒ باب الجَهْرِ فِي العِشَاءِ
          766- ذكر فيه حديث أبي رافعٍ قال: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ، فَقَرَأَ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق:1] فَسَجَدَ، فَقُلْتُ لَهُ، قَالَ: سَجَدْتُ خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ صلعم، فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ.
          767- وحديث البراءِ: أنَّه ╕ كَانَ فِيْ سَفَرْ فَقَرَأَ فِي العِشَاءِ فِيْ إِحْدِى الرَّكْعَتَيْنِ بالتِّيْنِ وَالزَّيْتُوْنِ، فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ.
          الشرح: حديث أبي هريرة يأتي قريبًا وفي سجود القرآن، [خ¦1074] وأخرجه مسلمٌ أيضًا.
          وحديث البراء يأتي في التفسير. [خ¦4952] وأخرجه باقي الجماعة، وهما دالَّان على ما ترجم له وهو الجهر بالعشاء.
          أمَّا في حديث البراء فهو ظاهرٌ فيه.
          وأَّمَّا حديث أبي هريرة فلأنَّه سجد بها خلفه، وذلك مقتضٍ أنَّه سمعها منه، والإجماع قائمٌ على ذلك. وموضع السجدة في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}. {لَا يَسجُدُونَ} وأغرب من قال: إنَّه آخر السورة.
          و(العَتَمَةَ): المراد بها العشاء، وإن سلف النهي في تسميتها بذلك بما فيه. [خ¦564]
          وسجود أبي هريرة خلفَ رسول الله صلعم لا يلزمُ منه أن يكون في صلاةٍ لاحتمال سماعه لها منه خارجها.
          وقوله في حديث البراء: (فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ) جاء في النسائيِّ أنَّها الأولى. وتأسِّي عمر ☺ بقراءته لها في إحداهما.
          وقوله: (أَوْ قِرَاءَةً) الظاهر أنَّ (أو) بمعنى الواو، واستدلَّ بذلك من لا يرى توقيتًا بالقراءة فيها بل بحسب الحال. وعن مالكٍ: يقرأ فيها بالحاقَّة ونحوها. وعندنا وعند أشهب: بأوساط المفصَّل، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وفيه حديثٌ عَن أبي هريرة مرفوعًا، وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعريِّ أن اقرأ بالنَّاس في العشاء الآخرة بوسط المفصَّل، وقرأ فيها عثمان بالنَّجم، وابن عمر بالذين كفروا والفتح، وأبو هريرة بالعاديات، فيحتمل أن تكون قرأ بها لسفر أو أعجلته حاجةٌ لذلك.
          وأجاز العلماء للمسافر إذا أعجله أصحابه أو استُغيثَ به في أمرٍ أن يقرأ بسورةٍ قصيرةٍ اتِّباعًا للشارع في التِّين والزيتون في السفر، وهو قول مالكٍ.
          وفي «شرح الهداية»: يقرأ في الفجر أربعين آيةً سوى الفاتحة. وفي روايةٍ خمسين. وفي أخرى ستِّين إلى المائة. وهي أبين الروايات عندهم. قالوا: في الشتاء يقرأ مائةً، وفي الصيف أربعين، وفي الخريف خمسين أو ستِّين.
          وذكر أنَّ في رواية الأصل أن يكون في الظهر دون الفجر والعصر قدرَ عشرين آيةً سوى الفاتحة.
          ونصَّ أصحابنا على أنَّه يُستحبُّ أن يكون في الصبح والظهر من طوال المفصَّل، وفي العصر والعشاء من أوساطه، وفي المغرب من قصاره.