شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة

          ░106▒ بَابُ: إِذَا حَمَلَ جَارِيَةً صَغِيرَةً على عُنُقِهِ(1).
          فيهِ: أَبُو قَتَادَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ يُصلِّي، وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلعم، وَلأبِي العَاصِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وإِذَا(2) قَامَ حَمَلَهَا). [خ¦516]
          اختلف قول مالكٍ في تأويل هذا الحديث، فروى عنه أَشْهَبُ أنَّ حَمْلَهُ ◙ أُمَامَةَ كان في النَّافلة، وروى عنه أيضًا أَشْهَبُ وابنُ نافعٍ أنَّه سُئِلَ هل للنَّاس الأخذ بهذا؟ فقال: نَعَمْ عند(3) الضَّرورة إذا لم يجد مَن يكفيه، فأمَّا لحُبِّ / الولد فلا أرى ذلك. وقد رُوِيَ عن أبي قَتَادَةَ أنَّ حَمْلَ النَّبيِّ صلعم(4) لأُمَامَةَ كان في الفريضة، رَوى اللَّيْثُ وابنُ عَجْلَانَ وابنُ إِسْحَاقَ كلُّهم عن سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عن عَمْرِو بنِ سُلَيْمٍ(5) الزُّرَقِيِّ عن أبي قَتَادَةَ قَالَ: ((بَيْنَمَا نَحْنُ في المَسْجِدِ جُلُوسٌ نَنْتَظِرُ الرَّسُولَ صلعم خَرَجَ عَلَيْنَا يَحْمِلُ أُمَامَةَ على عُنُقِهِ، فَصَلَّى، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ رَفَعَهَا))، وزاد ابنُ إِسْحَاقَ: ((نَنْتَظِرُ النَّبيَّ(6) صلعم في الظُّهْرِ أَوِ العَصْرِ))، وذكرَهُ(7) البخاريُّ في(8) حديث اللَّيْثِ في كتاب الأدب في باب ((رَحْمَةِ(9) الوَلَدِ وتَقْبِيْلِهِ)) [خ¦5996]. وسُئِلَ أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ عنِ الرَّجُل أيأخذ ولدَه وهو يُصَلِّي؟ قال: نَعَمْ، واحتَجَّ بحديث أبي قَتَادَةَ في قصَّة أُمَامَةَ، وإنَّما أدخل البخاريُّ هذا الحديث في هذا الموضع _والله أعلم_ ليدلَّ على أنَّ حَمْلَ المُصَلِّي الجاريَةَ على عُنُقه في الصَّلاة(10) لا يضرُّ صلاتَه، وحَمْلَها أشدُّ مِن مرورها بين يديه، فلمَّا لم يضرَّه حَمْلَها، فكذلك(11) لا يضرُّه مرورها بين يديه. وفيه: جواز العمل الخفيف في الصَّلاة والعلماء مجمعون على جوازِهِ.


[1] زاد في المطبوع: ((في الصَّلاة)).
[2] في المطبوع و(ص): ((ثم إذا)).
[3] في (م): ((نعم في حال)).
[4] في (م): ((حمله ◙)). في(ص): ((حمل الرسول)).
[5] في (ص): ((المقبري عن سعد بن سليمان)).
[6] في (ص): ((الرسول)).
[7] في (م) و(ص): ((وذكر)).
[8] قوله: ((في)) ليس في (م).
[9] في (م): ((برحمة)).
[10] قوله: ((في الصلاة)) ليس في (ص).
[11] في المطبوع و(ص): ((كذلك))، وفي (م): ((وكذلك)).