شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: الصلاة على الخمرة

          ░21▒ باب: الصلاة على الخمرة.
          وترجم له بَابُ: الصَّلاةِ على الخُمْرَةِ، قال الطَّبَرِيُّ: الخُمْرَةُ: مُصَلَّى صغيرٌ يُنْسَجُ من سَعَفِ النَّخْلِ ويُزَمَّلُ بالخُيُوطِ ويُسْجَدُ عليهِ، فإنْ كانَ كبيرًا قَدْرَ طولِ الرَّجُلِ أو أكبرَ، فإنَّه يُقَالُ له حينئذٍ: حَصِيْرٌ، ولا يُقَالُ لهُ: خُمْرَةٌ، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: هي السَّجَادَةُ وجَمْعُهَا خُمْرٌ.
          ولا خلاف بين فقهاء الأمصار في جواز الصَّلاة على الخُمْرَةِ إلَّا شيءٌ رُوِيَ عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ أنَّه كان لا يُصَلِّي على الخُمْرَةِ، ويُؤْتَى بترابٍ فيُوضع على الخُمْرَةِ في موضع سجوده ويسجد(1) عليه، وقال شُعْبَةُ عن حَمَّادٍ: رأيتُ في بيت إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ حصيرًا، فقلت: أتسجدُ عليه؟ فقالَ: الأرضُ أحبُّ إليَّ، وهذا منهما على جهة المبالغة في الخُشُوع لا أنَّهما لم يريا السُّجود على الخُمْرَةِ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلعم قد صَلَّى عليها، وقال سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ: الصَّلاةُ على الخُمْرَةِ سُنَّةٌ، فلا يجوزُ لهما مخالفةُ سُنَّتِهِ صلعم، وإنَّما فعلا ذلك على الاختيار، إذ قدْ ثبت عنه(2)◙ أنَّه كان يُبَاشِرُ الأرضَ بوجهِهِ في سُجُودِهِ، وقدِ انصرفَ مِنَ الصَّلاةِ وعلى جبهتِهِ وأنفِهِ أثرُ الطِّين والماء(3)؛ فذلك كلُّه مباحٌ بسُنَّتِهِ صلعم.


[1] في (م): ((فيسجد)).
[2] في (م): ((أنَّه)).
[3] في المطبوع و(م) و(ص): ((أثر الماء والطِّين)).