شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب المساجد في البيوت

          ░46▒ بَابُ: المَسَاجِدِ فِي البُيُوتِ.
          وَصَلَّى البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ فِي مَسْجِدِهِ(1) فِي دَارِهِ جَمَاعَةً.
          وذَكَرَ فيهِ حديثَ عِتْبَانَ بنِ مالكٍ بطولِهِ. [خ¦425]
          قال المُهَلَّبُ: فيه اتخاذ المساجد في البيوت والصَّلاة بالأهل وغيرهم عند الضَّرورات، ألَا ترى أنَّ عِتْبَانَ قالَ للنَّبيِّ(2) صلعم: ((إِنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي، فِإذَا سَالَ الوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِي مَسْجِدَهُمْ، وَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّكَ تَأْتَيْنِي، فَتُصَلِّي في بَيْتِي فَأَتَّخِذُهُ مُصَلًّى))، ففعل ذلك صلعم(3)، فبان بهذا أنَّه لولا العُذْرُ لم يتخلَّف عن مسجد الجماعة.
          فيه(4) من الفِقْهِ: التَّخلُّف عن الصَّلاة في الجماعة للعُذْرِ، وقال أبو(5) عبدِ اللهِ بنُ أبي صُفْرَةَ: ترك السُّنن للمشقَّة رخصةٌ، ومن شاء أن يأخذ بالشِّدَةِ أخذ، كما خرج النَّبيُّ(6) صلعم يُهادى بين رَجُلَين إلى الصَّلاة. قال المُهَلَّب: وفيه التَّبرُّكُ بمُصَلَّى الصَّالحين ومساجد الفاضلين.
          وفيه: أنَّه(7) مَن دُعِيَ مِن الصَّالحين إلى شيءٍ يُتَبَرَّكُ به منه(8)، فله أن يُجيب إذا أَمِنَ الفتنة مِنَ العُجْبِ.
          وفيه: الوفاء بالعهد(9)، وفيه: صلاة النَّافلة في جماعةٍ بالنَّهار، فيه(10): إكرام العَالِمِ إذا دُعِيَ إلى شيءٍ بالطَّعام وشبهه، وفيه: التَّنبيه على أهل الفِسْقِ والنِّفاق عند السُّلطان، وفيه: أنَّ السُّلطان يجب أن يستثبت في أمرِ مَنْ يُذْكَرُ(11) عنده بفِسْقٍ ويُوجِّهُ له أجمل الوجوه، وفيه: أنَّ الجماعة إذا اجتمعت للصَّلاة وغاب أَحَدٌ منهم(12) أن يسألوا عنه، فإن كان له عُذْرٌ وإلَّا ظُنَّ(13) به الشَّرُّ، وهو مفسَّر(14) في قوله: ((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ)).
          وقوله: (ثَابَ رِجَالٌ) قال صاحب العين: ثَابَ الحَوْضُ امتَلَأَ، والمَثَابَةُ: مُجْتَمَعُ النَّاسِ بعدَ تَفَرُّقِهِمْ، ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ(15)}[البقرة:125].


[1] في (ص): ((مسجد)).
[2] في (ص): ((لنبي الله)).
[3] في (ص): ((ذلك نبي الله)).
[4] في (م): ((ففيه)).
[5] قوله: ((أبو)) ليس في المطبوع.
[6] في (ص): ((نبي الله)).
[7] في (م): ((أنَّ)).
[8] قوله: ((منه)) ليس في (ص).
[9] في (م): ((بالوعد)).
[10] في (ص): ((وفيه)).
[11] في (م): ((في من يذكر)).
[12] في المطبوع و(ص): ((وغاب أحدهم)).
[13] في (م): ((لحق)).
[14] قوله: ((مفسَّر)) ليس في (م).
[15] زاد في (م): ((وأمَّنا)).