شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إدخال البعير في المسجد للعلة

          ░78▒ بَابُ: إِدْخَالِ البَعِيرِ فِي المَسْجِدِ لِلعِلَّةِ.
          وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: طَافَ النَّبِيُّ صلعم على بَعِيرِهِ(1).
          فيهِ: أُمُّ سَلَمَةَ قَالَتْ: (شَكَوْتُ إلى رَسُولِ اللهِ صلعم أَنِّي أَشْتَكِي، قَالَ(2): طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاس، وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ، فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللهِ صلعم يُصَلِّي إلى جَنْبِ البَيْتِ، يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ). [خ¦464]
          قال المُهَلَّبُ: فيه جواز دُخُول الدَّواب الَّتي تُؤكل لحومها، ولا يُنجِّس بولها المسجدَ إذا احتيج إلى ذلك، وأمَّا دُخُول سائر الدَّواب فلا يجوز وهو قول مالكٍ، وفيه أنَّ راكب الدَّابة ينبغي له أن يتجنَّب ممرَّ النَّاس ما استطاع، ولا يخالط الرِّجالة، وكذلك ينبغي أن تخرج النِّساء إلى حواشي الطرق، وقد استنبط بعض العلماء مِن هذا الحديث طواف النِّساء بالبيت مِن وراء الرِّجال لعِلَّة التَّزاحم والتَّناطح، وقال(3) غيرُهُ: طواف(4) النِّساء من وراء الرِّجال هي السُّنَّة؛ لأنَّ الطَّواف صلاةٌ ومِن سُنَّة النِّساء في الصَّلاة أن يكنَّ خلف الرِّجال، فكذلك الطَّواف.
          وقولُهُ: (طُوفِي وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ) فهو ضرورةٌ، وقد اختلف العلماء في الصَّحيح يطوف راكبًا على ما يأتي في كتاب الحجِّ، إن شاء الله تعالى [خ¦1619] [خ¦1633].


[1] في المطبوع و(م): ((بعير)).
[2] في (م): ((فقال)).
[3] في المطبوع و(ص): ((قال)).
[4] في (م): ((والتَّناطح وطواف النِّساء)).