شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب حك البزاق باليد من المسجد

          ░33▒ بَابُ: حَكِّ البُزَاقِ بِاليَدِ مِنَ المَسْجِدِ.
          فيهِ: أَنَسٌ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ، فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، وإِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمَهِ، ثمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ(1) فِيهِ، ثمَّ رَدَّ بَعْضَهُ على بَعْضٍ، فَقَالَ: أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا). [خ¦405]
          قال المُهَلَّبُ: فيه إكرام القِبْلَةِ وتنزيهها؛ لأنَّ المُصَلِّي مناجٍ(2) ربَّه فواجب عليه أن يكرم القِبْلَةَ مما يكرِم منه المخلوقين إذا ناجاهم واستقبلهم بوجهه؛ بل قِبْلَةُ الله تعالى أَوْلى بالإكرام، وقال طَاوُسٌ ☼: أكرموا قِبْلَةَ الله لا تبزقوا(3) فيها، وأبان صلعم في هذا الحديث أنَّ معنى نهيه عن البُزَاق في القِبْلَةِ إنَّما هو مِن أجل مناجاته لربِّه ╡ عند(4) استقباله القِبْلَةَ في صلاته، ومِن أعظم(5) الجفاء وسُوءِ الأدب أن تتوجَّه إلى ربِّ الأرباب ومَلِكِ الملوك وتتنخَّم في توجُّهِكَ؛ وقد أعلمنا الله ╡(6) بإقباله على مَن توجَّه إليه ومراعاته لحركاته.
          وفيهِ: طهارة البُزَاق؛ لأنَّه لو كان غير طاهرٍ ما بصق(7)◙ في ثوبه ولا أَمَرَ بذلك.
          وفيهِ: / فضل الميمنة على الميسرة.


[1] في المطبوع و(ص): ((فبزق)).
[2] في المطبوع و(ص): ((يناجي)).
[3] في (م): ((لا تبصقوا)).
[4] في (ص): ((وعند)).
[5] قوله: ((أعظم)) ليس في (م).
[6] في (ص): ((وقد أخبرنا تعالى)).
[7] في المطبوع و(ص): ((بزق)).