شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة

          ░40▒ بَابُ: عِظَةِ الإمَامِ فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ.
          فيهِ: أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبيُّ(1) صلعم: (هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا؟ فَوَاللهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلا خُشُوعُكُمْ(2)، إِنِّي لأرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي). [خ¦418]
          فيه: أنَّه ينبغي للإمام إذا رأى أحدًا مقصِّرًا في شيءٍ مِن أمور(3) دِيْنِه أو ناقصًا للكمال منه أنَّه ينهاه عن فعله، ويحضُّه(4) على ما له فيه جزيل الحظِّ، ألا ترى أنَّ النَّبيَّ صلعم وبَّخَ مَن نقص كمال الرُّكوع والسُّجُود ووعظهم في ذلك بأنَّه يراهم، وقد أخذ الله تعالى على المؤمنين ذلك إذا(5) مكنَّهم في الأرض بقوله تعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ}(6)[الحج:41].
          قالَ المُهَلَّبُ: وقوله: (إِنِّي أَرَاكُم مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي) يحتمل أن يراهم بما يُوحى إليه مِن أفعالهم وهيئاتهم في الصَّلاة؛ لأنَّ الرؤية قد يُعبَّر بها عن العلم والاعتقاد، ويحتمل أن يكون يراهم بما خصَّ به ◙ أن زِيْدَ في قوة بصرِه حتَّى يرى مِن ورائه، وقال(7) أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ في هذا الحديث: إنَّه صلعم كان يرى مِن وراءه(8) كما يرى بعينيه(9)، فالله أعلم بما أراد مِن ذلك. /


[1] في (ص): ((نبي الله)).
[2] في (م): ((خشوعكم ولا ركوعكم)).
[3] في المطبوع و(ص): ((أمر)).
[4] صورتها في (ز): ((ويحطه)).
[5] في (م): ((إذ)).
[6] في (ص): ((الذين إن مكناهم في الأرض.. إلى... الأمور)).
[7] في (م): ((وقد قال)).
[8] في (م): ((ورائه)).
[9] في المطبوع: ((بعينه)).