شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب التقاضي والملازمة في المسجد

          ░71▒ بَابُ: التَّقَاضِي وَالمُلازَمَةِ فِي المَسْجِدِ. /
          فيهِ: كَعْبُ بنُ مالكٍ: (أَنَّهُ تَقَاضَى ابنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، حتَّى سَمِعَهَا(1) رَسُولُ اللهِ صلعم وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، حتَّى كَشَفَ سِجْفَ(2) حُجْرَتِهِ، فَنَادَى: يَا كَعْبُ، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا، وَأَوْمَأَ(3) إِلَيْهِ، أَيِ: الشَّطْرَ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ(4) يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: قُمْ فَاقْضِهِ). [خ¦457]
          قالَ المؤلِّفُ(5): فيه المخاصمة في المسجد في الحقوق والمطالبة بالدُّيون، وقال مالكٌ: لا بأس أن يقضي الرَّجلُ الرَّجلَ فيه ذهبًا، فأمَّا بمعنى التِّجارة والصَّرف فلا أحبُّه.
          قال المُهَلَّب: وفيه الحضُّ على الوضع عن المُعْسِرِ. وفيه: القضاء بالصُّلْحِ(6) إذا رآه السُّلطان صلاحًا ولم يشاور الموضوع عنه إن كان يقبل الوضيعة أم لا. وفيه: الحُكْمُ عليه بالصُّلْحِ(7) إذا كان فيه رشدُهُ وصلاحٌ له لقولِهِ: (قُمْ فَاقْضِهِ).
          وفيه: أنَّ الإشارة باليد تقوم مقام الإفصاح باللِّسان إذا فُهِمَ المراد بها. وفيه: الملازمة في الاقتضاء.
          وفيه: إنكار رفع الصَّوت بالمسجد بغير القراءة، إلَّا أنَّه صلعم لم يُعنِّفهما على ذلك لما كان(8) لا بدَّ لهما منه.


[1] في (ص): ((سمعهما)).
[2] ضبطها في (ز): ((سُجف)) وفيها حاشية: ((السُّجف: السُّترة)).
[3] في حاشية (ص): ((وأوصى)).
[4] في (م): ((لقد نقلت)).
[5] قوله: ((قال المؤلِّف)) ليس في (م).
[6] في المطبوع: ((بالصَّالح)).
[7] في المطبوع: ((بالصَّالح)).
[8] زاد في (م): ((مما)).