شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الصلاة على الحصير

          ░20▒ بَابُ: الصَّلاةِ على الحَصِيْرِ.
          وَصَلَّى جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَأَبُو سَعِيدٍ فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا.
          وَقَالَ الحَسَنُ: (تُصَلِّي قَائِمًا(1)، مَا لَمْ تَشُقَّ على أَصْحَابِكَ، تَدُورُ مَعَهَا، وَإِلَّا فَقَاعِدًا).
          فيهِ: أَنَسٌ: (أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللهِ صلعم لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ، ثمَّ قَالَ: قُومُوا، فَلْأُصَلِّي لَكُمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إلى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم: وَصَفَفْتُ وَاليَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالعَجُوزُ مِنْ(2) وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلعم رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ انْصَرَفَ). [خ¦380]
          لا خلاف بين الفقهاء في جواز الصَّلاة على الحصير على ما ذكرناه في الباب قبل هذا [خ¦379].
          قال المُهَلَّبُ: وفيه أنَّه(3) ما يُوطأ ويُبسط فإنَّه ملبوسٌ، فمن حَلَفَ أن لا يلبس ثوبًا وجلس عليه، فهو حانثٌ إذا لم يخصَّ وجهًا مِن اللِّباس.
          ونَضْحُ أَنَسٍ للحصير إنَّما كان لِيَلِينَ، لا لنجاسةٍ كانت فيه، هذا قول إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ، وقال غيره: النَّضح طهارةٌ لما شكَّ فيه فنضحه لتطيب النَّفس عليه، / وهذا كقول عُمَرَ ☺: اغسلْ ما رَأَيْتَ وانضَحْ مَا لَمْ تَرَ(4).
          قال المُهَلَّبُ: وفيه الإمامة في النَّافلة، وفيه إجابة الطَّعام(5) إلى غير الوليمة، وفيه أنَّ المرأة المُتَجَالَّة الصَّالحة إذا دَعت إلى طعامٍ أُجيبت، وسيأتي بقية الكلام في هذا الحديث في موضعه بعد هذا إن شاء الله [خ¦382]. وأمَّا الصَّلاة في السَّفينة، فأجاز قومٌ من السَّلف أن يُصَلُّوا فيها جلوسًا وهو قول الثَّوْرِيِّ وأبي حنيفةَ، وقال مالكٌ والشَّافعيُّ: لا يجوز أن يُصَلِّي قاعدًا مَن يقدر على القيام في سفينةٍ ولا غيرها.


[1] قوله: ((تُصَلِّي قائمًا)) ليس في (م).
[2] في (م): ((وصففت وراءه والعجوز واليتيم من)).
[3] في (م): ((أنَّ)).
[4] في (م): ((أر)).
[5] في (م): ((إجابة الدَّعوة إلى طعام)).