شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الخيمة في المسجد للمرضى وغيرهم

          ░77▒ بَابُ: الخَيْمَةِ فِي المَسْجِدِ لِلْمَرضى وَغَيْرِهِمْ.
          فيهِ: عَائِشَةُ ☺ أنَّها(1) قَالَتْ: (أُصِيْبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ فِي الأكْحَلِ، فَضَرَبَ النبيُّ(2) صلعم خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ، لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ(3)، وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِا(4)، فَقَال: يَا أَهْلَ الخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ منهَا).
          قالَ المُهَلَّبُ: فيه جواز سُكْنَى المسجد للعُذْرِ. وفيه: أنَّ السُّلطان أو العالمَ إذا شقَّ عليه النُّهوض / إلى عيادة مريضٍ يزورُهُ ممَّن يهمُّهُ أمرُهُ، أن ينقل المريض إلى موضع يخفُّ عليه فيه زيارتُهُ ويقرُبُ منه. وفيه: أنَّ النَّجاسات ليست إزالتها بفرضٍ، ولو كانت(5) فرضًا لحيل بينها وبين الذَّريعة إليها، ولمَّا أجاز النَّبيُّ صلعم للجريح أن يسكن في المسجد، علمنا أنَّ الأمر ليس على الفرض، وكذلك حين تركَ الأعرابيَّ يبول في المسجد، وقال: ((دعوه))، ولو كان حرامًا فرضًا، ما قال: ((دعوه)) يستديم البول. وقال صاحب «العين»: غَذَا العِرْقُ يغذو: إذا سال الدَّمُ(6). [خ¦463]


[1] قوله: ((أنَّها)) ليس في (م).
[2] في (ص): ((الرسول)).
[3] في (م): ((ترعهم)).
[4] في (م): ((إليهم)).
[5] في المطبوع و(م) و(ص): ((كان)).
[6] زاد في (م): ((منه)).