شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد

          ░64▒ بَابُ: الاسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ المِنْبَرِ وَالمَسْجِدِ(1).
          فيهِ: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ قالَ(2): (بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلعم إلى امْرَأَةٍ(3): مُرِي غُلامَكِ النَّجَّارَ، ليَعْمَلْ(4) لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ). [خ¦448]
          وقَالَ جَابِرٌ: (قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلا أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا، تَقْعُدُ عَلَيْهِ، / فَإِنَّ لِي غُلامًا نَجَّارًا؟ قَالَ: إِنْ شِئْتِ، فَعَمِلَتِ المِنْبَرَ). [خ¦449]
          فيه: الاستعانة بأهل(5) الصِّناعات والمقدِرَة في كلِّ شيءٍ يشمل المسلمين نفعُهُ، وأنَّ المبادر إلى ذلك مشكورٌ له فعلُهُ. فإن قيل: فإنَّ(6) حديث سَهْلٍ يخالف معنى حديث جابرٍ، وذلك أنَّ في حديث سَهْلٍ أنَّ النَّبيَّ صلعم سأل المرأة أن تأمر عبدها بعمل المنبر، وفي حديث جابرٍ أنَّ المرأة سألَتِ النَّبيَّ صلعم ذلك. قيل: يُحتملُ أن تكون المرأة بدأتِ النَّبيَّ صلعم بالمسألة وتبرَّعت له بعمل المنبر، فلمَّا أباح لها ذلك وقَبِل رغبتها، أمكنَ أن يُبطئ الغُلام بعملِهِ، فتعلَّقت(7) نفس النَّبيِّ صلعم به فاستنجزها إتمامَهُ وإكمال(8) عِدَتِها، إذ عَلِمَ النَّبيُّ صلعم(9) طيب نفس المرأة بما بذلَتْهُ من صنعة غُلامها، وقد يمكن أن يكون إرسالُهُ ◙، إلى المرأة(10) ليُعرِّفها بصفة ما يصنع الغُلام في الأعواد وأنْ(11) يكون ذلك منبرًا. وفيه: أنَّه مَن وعد غيرَهُ بِعِدَةٍ أنَّه يجوز استنجازُهُ فيها، وتحريكُهُ في إتمامِها.


[1] قوله: ((والمسجد)) ليس في (ص).
[2] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[3] زاد في المطبوع و(ص): ((قال)).
[4] في (م): ((يعمل)).
[5] في (م): ((بأهالي)).
[6] في (م): ((إنَّ)).
[7] في (ص): ((فعلقت)).
[8] في (ص): ((وأكمل)).
[9] في (ص): ((علم ◙)).
[10] في (م): ((للمرأة)).
[11] في (م): ((أن)).