شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

          ░9▒ بَابُ: الصَّلَاةِ فِي القَمِيْصِ وَالسَّرَاوِيْلِ وَالتُّبَّانِ وَالقَبَاءِ.
          فيهِ: أبو هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلعم عَنِ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: (أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟!). [خ¦365]
          ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ: إِذَا وَسَّعَ اللهُ فَأَوْسِعُوا(1)، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ(2)، فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ(3) وَقَبَاءٍ، فِي ثِيَابٍ(4) وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيْصٍ(5)، قَالَ(6): وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ.
          وفيهِ: ابنُ عُمَرَ(7): (سَأَلَ رَجُلٌ النَّبيَّ صلعم فَقَالَ(8): مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ القَمِيْصَ وَلَا السَّرَاوِيْلَ وَلَا البُرْنُسَ) الحديثَ. [خ¦366]
          قالَ المُهَلَّبُ: اللَّازمُ مِنَ الثِّيابِ(9) في الصَّلاةِ ثوبٌ واحدٌ ساترٌ للعَوْرَةِ، وقول عُمَرَ: إذا أَوْسَعَ اللهُ عَلَيْكُمْ فأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عليهِ ثيابَهُ... يدلُّ على ذلك، وجَمْعُ الثِّيابِ في الصَّلاةِ اختيارٌ واستحسانٌ وعليه جماعة الفقهاء، والله أحقُّ من تُجُمِّلَ له. وقول عُمَرَ: في تُبَّانٍ ورِدَاءٍ، يدلُّ(10) أنَّ الرِّدَاءَ يُشْتَمَلُ في الصَّلاةِ؛ لأنَّه لا(11) يكون الرِّدَاءُ مع التُّبَّانِ والسَّراويل(12) الكاملة إلَّا مشتملًا به، وقالَ الخَلِيْلُ: التُّبَّانُ شِبْهُ(13) سَرَاوِيْلَ صَغِيْرٍ، تذكره العرب. وقد اختلف أصحاب مالكٍ فيمن صَلَّى في سراويل وهو قادرٌ على التُّبَّانِ(14)، ففي «المُدَوَّنَةِ»: لا يُعِيْدُ في وقتٍ ولا غيره، وفي «المجموعة» عن ابنِ القَاسِمِ مثله، وعن أَشْهَبَ: عليه الإعادة في الوقت، وعن أَشْهَبَ أيضًا: أنَّ صلاته تامَّةٌ إنْ كان صفيقًا(15). وقول عُمَرَ: جَمَعَ رَجُلٌ عليهِ ثيابَهُ، يعني ليجمعَ عليهِ ثيابَهُ وليُصَلِّي فيها، فجاء بلفظ الفعل الماضي وهو يُرِيدُ(16) المستقبلَ، وذلك كثيرٌ في التَّنزيل(17) كقولِهِ تعالى: {وَإِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى ابنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ للنَّاسِ}[المائدة:116]، والمعنى: إذ(18) يقولُ اللهُ، دلَّ على ذلك قولُ عيسى ◙: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُم وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيْدًا مَا دُمْتُ فِيْهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي(19)}[المائدة:117]، فدلَّ قولُهُ: {فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي}(20) أنَّ هذا الكلام إنَّما يكون بعد وفاة عيسى ومبعثه(21) يوم القيامة.


[1] في (م): ((إذا أَوسع الله عليكم فأوسعوا)).
[2] في (ص): ((ورداء وفي قميص)).
[3] قوله: ((في سروايل)) ليس في (ص).
[4] في (م) والمطبوع و(ص): ((تُبَّانٍ)).
[5] قوله: ((وقباء في تبان وقميص)) ليس في (ص).
[6] قوله: ((قال)) ليس في (م)، وفي (م): ((فأحسبه)).
[7] زاد في (م): ((قال)).
[8] قوله: ((فقال)) ليس في (م).
[9] في (م): ((اللِّباس)).
[10] زاد في (ص): ((على)).
[11] في (م): ((لأنَّه)).
[12] في (م): ((أو السَّراويل)).
[13] في (م) و(ص): ((يشبه)).
[14] في (م) و(ص): ((الثِّياب)).
[15] في (ص): ((ضعيفًا)).
[16] في (م): ((يعني)).
[17] في (م): ((وذلك في التَّنزيل كثير)).
[18] في (م): ((وإذ)).
[19] زاد في (م): ((كنت أنت الرَّقيب عليهم))، وبعدها في (م): ((يدلُّ)). ف
[20] في (ص): ((مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ... إلى أنت الرقيب عليهم)).
[21] في (م): ((وبعد مبعثه)).