إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم}

          ░20▒ (باب قوله) ╡(1): ({لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ}) يعني: محمَّدًا ({مِّنْ أَنفُسِكُمْ}) من جنسكم، صفةٌ لـ «رسولٌ» أي: من صميم العرب، وقرأ ابن عبَّاسٍ وأبو العالية وابن محيصن ومحبوبٌ عن أبي عمرٍو ويعقوب من بعض طرقه، وهي قراءته صلعم (2) وفاطمة وعائشة: بفتح الفاء، أي: من أشرفكم، وقال الزَّجَّاج: هي مخاطبةٌ(3) لجميع العالم، والمعنى: لقد جاءكم رسولٌ من البشر، وإنَّما كان من الجنس؛ لأنَّ الجنس إلى الجنس أميل، ثمَّ رتَّب عليه صفاتٍ أخرى لتعداد المنن على المرسل إليهم فقال: ({عَزِيزٌ عَلَيْهِ}) أي: شديد شاقٌّ ({مَا عَنِتُّمْ}) أي: عَنَتُكم، أي: إثمكم وعصيانكم، فـ {مَا}: مصدريَّةٌ، وهي مبتدأٌ(4)، و«عزيزٌ»: خبرٌ مقدَّمٌ، ويجوز أن يكون {مَا عَنِتُّمْ} فاعلًا بـ {عَزِيزٌ} و {عَزِيزٌ}: صفةٌ لـ {رَسُولٌ} ويجوز أن تكون {مَا} موصولةً، أي: يعزُّ عليه الَّذي عنتُّموه، أي: عنتُّم بسببه، فحُذِفَ العائد على التَّدريج، كقوله:‼
يَسـرُّ المرءَ ما ذهبَ اللَّيالي                     وكانَ ذهابُهنَّ له ذَهابا
أي: يسرُّه ذهابُ اللَّيالي ({حَرِيصٌ عَلَيْكُم}) أن تدخلوا الجنَّة ({بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة:128] مِنَ الرَّأْفَةِ) وهي أشدُّ الرَّحمة، ولم يجمع الله اسمين من أسمائه لأحدٍ غير نبيِّنا صلعم ، قاله الحسين بن الفضل، وسقط لأبي ذَرٍّ قوله: «{حَرِيصٌ}...» إلى آخره، وقال بعد قوله: {عَنِتُّمْ}: ”الآيةَ“.


[1] في (د): «جلَّ وعلا».
[2] مراده أنها رويت بالسند إليه ╕ .
[3] في (م): «مخاطبته».
[4] في (ج) و(ص): «ابتداء».