إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

{وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت}

          ░18▒ ({وَعَلَى الثَّلاَثَةِ}) أي: وتاب على الثَّلاثة، فهو نسقٌ {عَلَى النَّبِيِّ} أو على الضَّمير في { عَلَيْهِمُ} أي: ثمَّ تاب عليهم وعلى الثَّلاثة؛ ولذا كرَّر حرف الجرِّ، و«الثَّلاثة» هم كعب بن مالكٍ الأسلميُّ(1)، وهلال بن أميَّة الواقفيُّ، ومرارة بن الرَّبيع العمريُّ ({الَّذِينَ خُلِّفُواْ}) تخلَّفوا عن غزوة تبوك، أو‼ خُلِّف أمرهم؛ فإنَّهم المرجون ({حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ}) برحبها، أي: مع سعتها لشدَّة حيرتهم وقلقهم ({وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ}) فلم(2) تتَّسع لصبر ممّا نزل بها من الهمِّ والإشفاق ({وَظَنُّواْ}) علموا ({أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ}) أن(3) لا مفرَّ من عذاب الله ({إِلاَّ إِلَيْهِ}) بالتَّوبة والاستغفار، والاستثناء من العامِّ المحذوف، أي: لا(4) ملجأ لأحدٍ إلَّا إليه ({ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ}) رجع عليهم بالقبول والرَّحمة كرَّةً بعد أخرى ({لِيَتُوبُواْ}) ليستقيموا على توبتهم ويثبتوا، أو ليتوبوا أيضًا فيما يُستقبل كلَّما فرطت منهم زلَّةٌ؛ لأنَّهم علموا بالنُّصوص الصَّحيحة أنَّ طريان الخطيئة يستدعي تجدُّد التَّوبة ({إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ}) على من تاب ولو عاد في اليوم مئة مرَّةٍ؛ كما رُوِي «ما أصرَّ مَن استغفر ولو عاد في اليوم مئة مرَّةٍ» ({الرَّحِيمُ}[التوبة:118]) به بعد التَّوبة، وسقط قوله: «{وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ}...» إلى آخره لأبي ذَرٍّ، وقال بعد قوله: {رَحُبَتْ}: ”الآيةَ“.


[1] زيد في (د): «الأنصاريُّ».
[2] في (د): «فلا».
[3] في (د): «أَيْ».
[4] «لا»: ليس في (ب).