إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر}

          ░3▒ (باب قَوْله) ╡: ({وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ}) يوم عرفة، كذا رُوِي عن عليٍّ وعمر فيما رواه ابن جريرٍ، وعن ابن عبَّاسٍ ومجاهدٍ فيما رواه ابن أبي حاتمٍ، ورُوِي مرسلًا عن مخرمة: أنَّ رسول الله صلعم خطب يوم عرفة فقال: «هذا يوم الحجِّ الأكبر» وقيل: إنَّه يوم النحر، وإليه ذهب حميد بن عبد الرَّحمن، كما سيأتي _إن شاء الله تعالى_ قريبًا في «باب: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ}[التوبة:4[خ¦4657] ورُوِي عن ابن عمر: وقف(1) رسول الله صلعم يوم النَّحر عند الجمرات في حجَّة الوداع فقال / : «هذا يوم الحجِّ الأكبر» وبه قال كثيرون؛ لأنَّ أعمال المناسك تتمُّ فيه، والجمهور: أنَّ الحجَّ الأصغر العمرة، وقيل: الأصغر: يوم عرفة، والأكبر: يوم النَّحر، وقيل: حجَّة الوداع هي الأكبر؛ لِمَا وقع فيها من إعزاز الإسلام وإذلال الكفر ({أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}) رفعٌ مبتدأٌ، والخبر محذوفٌ، أي: ورسولُه بريءٌ منهم، أو معطوفٌ على الضَّمير المستكنِّ في {بَرِيءٌ} وجاز ذلك للفصل المسوِّغ للعطف، فرفعه على هذا بالفاعليَّة ({فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}) أي: فالتَّوب(2) عن الشِّرك أو المتاب عن المعصية خيرٌ من البقاء عليها، و«أفعل» التَّفضيل لمطلقِ الخيريَّة ({وَإِن تَوَلَّيْتُمْ}) أعرضتم ({فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ}) بل هو قادرٌ عليكم وأنتم(3) تحت قهره ({وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[التوبة:3]) في الدُّنيا بالخزي والنَّكال، وفي الآخرة بالمقامع والأغلال، والبشارة تهكُّمٌ، وسقط لأبي ذرٍّ «{فَإِن تُبْتُمْ}...» إلى آخره، وقال بعد قوله: {وَرَسُولِهِ}: ”إلى { الْمُتَّقِينَ}“[التوبة:4] وساق في نسخةٍ الآية كلَّها إلى آخر {الْمُتَّقِينَ}.
          (آذَنَهُمْ) بمدّ الهمزة، أي: (أَعْلَمَهُمْ) وسقط ذلك لأبي ذرٍّ.


[1] في (م): «وقنت».
[2] في (د): «فالتوبة».
[3] «أنتم»: مثبتٌ من (ب) و(س).